عبير موسي: يجب تخليص تونس من “دكتاتورية النهضة”

قسم الأخبار
قسم الأخبار

“لا أستطيع أن أدخل البرلمان دون بث مباشر عبر هاتفي”، هكذا تتحدث زعيمة الحزب الدستوري الحر في تونس عبير موسي، التي تقول إنها “ضحية اعتداءات بدنية من أعضاء حركة النهضة وحلفائها”.

النائبة المثيرة للجدل رفعت مع نواب كتلتها لافتات داخل البرلمان تطالب بإغلاق مقر “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” في البلاد، وتتهمه بـ”دعم الإرهاب”، ومنعها رئيس مجلس النواب راشد الغنوشي من دخول مكتب البرلمان وحضور 3 جلسات عامة، ما تسبب في احتقان مازال مستمرا.

وكان الأمين العام لـ”الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين”، علي محيي الدين القره داغي، قد اتهم موسي وأعضاء حزبها بـ”البلطجة” وأنهم “اقتحموا مقر الاتحاد في تونس بالمخالفة للقانون”، متوعداً بمقاضاتها. وفي حين تتهم موسي الاتحاد بأنه “قناة خلفية لتنظيم الإخوان المسلمين”، يقول الاتحاد إن “اتهاماتها بلا دليل” وأنها “متاجرة سياسية”.

موسي من مواليد 1975 في مدينة المنستير، تخرجت من كلية القانون، ثم حصلت على درجة الماجستير في القانون وشهادة الدراسات المعمقة في القانون الاقتصادي وقانون الأعمال. كانت عضوا في حزب “التجمع الدستوري الديمقراطي” (RCD)، الذي كان يرأسه الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، وفي 2012، انضمت إلى الحركة الدستورية التي أسسها رئيس الوزراء السابق حامد القروي بعد الثورة التونسية .

وفي 13 أغسطس 2016، تم تعيين عبير موسي رئيسة للحركة الدستورية، التي تمت تسميتها لاحقا باسم “الحزب الدستوري الحر”. نجحت في انتخابات مجلس النواب 2019، ثم ترشحت لانتخابات الرئاسة 2019، وكانت أول امرأة تونسية تترشح لهذا المنصب، لكنها حصلت على 4 % فقط من الأصوات.

في هذا الحوار مع موقع قناة “الحرة”  تتحدث موسي عن الأزمة السياسية المستعرة في تونس، وتقول إن مجلس النواب “يرزح تحت ديكتاتورية حركة النهضة”، وتطالب بتغير الدستور  والنظام السياسي في البلاد.

منذ أكثر من شهرين، تشهد تونس صراعا سياسيا بشأن التعديل الحكومي بين رئيس البلاد قيس سعيد، ورئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي، المدعوم من حركة النهضة وحزب قلب تونس، اللذين يسيطران على مجلس النواب. ما موقفك من هذه الأزمة؟

الأزمة السياسية الحاصلة في تونس كانت متوقعة لأنها نتيجة طبيعية لدستور صاغه الإخوان على المقاس إثر انتخابات ٢٠١١ عندما انفردوا بالمجلس التأسيسي، فالنظام السياسي أقر تشتت السلطات وعدم توازن حقيقي بينها.

في هذا الدستور، السلطة التنفيذية رهينة للبرلمان وخاضعة لإرادة الكتل البرلمانية، ورئيس الجمهورية سلطاته محدودة لا يستطيع تحقيق أي توازن، والنظام السياسي الذي تم إقراره في دستور ٢٠١٤ كان يحمل في ثناياه بوادر الفشل، واليوم بدأ يظهر هذا الفشل.

برأيك ما الحل للخروج من هذه الأزمة؟

الحلول يجب أن تكون جذرية وليست ترقيعية أو ظرفية مبنية على مصالح سياسية لأي حزب أو طرف. الجميع يعرف أن دستور ٢٠١٤ يجب تغييره، وأن النظام السياسي الحالي فشل في إدارة البلاد، ولم يحقق أي استقرار سياسي وبالتالي أدى إلى أزمة اقتصادية واجتماعية عميقة.

إذا أردنا أن نشرع في الحل يجب أن نشرع في تغيير المنظومة السياسية والتشريعية بدءا من الدستور إلى القانون الانتخابي وكل القوانين المتدخلة في الحياة السياسية، وبذلك نضمن مشهدا سياسيا نقيا من الشوائب، يمكن للشعب التونسي أن يفرض فيه رأيه وأن يختار أي طرف بناء على برنامج واضح.  النظام السياسي البرلماني أو شبه البرلماني أثبت أنه لا يتماشى مع التونسيين أو مع الواقع التونسي، وبالتالي نحن في الحزب الدستوري الحر نقترح تغيير النظام السياسي.

ما قصة تعرضك للاعتداء في البرلمان؟

هذه وقائع شهدها المجتمع العربي والدولي، لا أستطيع أن أمشي داخل البرلمان، بدون البث المباشر عبر هاتفي الجوال، باعتبار أني مهدد بالتعنيف ومهددة بتهم باطلة من طرف الخصوم السياسيين، وعلى رأسهم الكتلة البرلمانية الإخوانية بقيادة رئيس البرلمان راشد الغنوشي.

عبر النقل المباشر تبين للجميع الاعتداءات اللفظية والجسدية التي طالتني.  الاعتداءات التي تعرضت لها بها جزء كبير متعلق بالعنف الموجه ضد المرأة، ويستهدفني كامرأة سياسية وصلت إلى رئاسة حزب ولها وزن في الساحة السياسية في البلاد، ومن فعل ذلك هم نواب حركة النهضة والأذرع التابعة لها مثل ائتلاف الكرامة المعروف بالعنف والإرهاب.

الخطير في الأمر أنه تم منعي من ممارسة عملي ومنعي من حضور مكتب المجلس باعتباري عضوة فيه، لأنني ممثلة كتلتي وهذا ليس له سند قانوني. هم يعولون على أن الشعب التونسي ليس على دراية بخفايا النظام السياسي.

قرر مجلس نواب تونس حرمانك من حضور 3 جلسات عامة بتهمة “التجاوزات وتعطيل البرلمان” ما ردك على ذلك؟

اليوم المجلس يرزح تحت دكتاتورية غاشمة لراشد الغنوشي وكتلته. يعتبرون أن أي معارضة لما يريدون تمريره، أو أي لفت لخطورة انتهاكهم للنظام الداخلي، تعطيلا للمجلس، هم يريدون المجلس بهيمنة واحدة بكتلة واحدة ومعارضة ضعيفة، ونحن في الدستوري الحر نمثل معارضة حقيقة.

منعوني من مناقشة أي قضايا حساسة أطلب مناقشتها، فقد منعوني من تناول المواضيع التي تزعجهم، وحرموني من أخذ الكلمة 3 جلسات، كما قام عدد من النواب بشتمي وسبي وسب الحزب والتشكيك في برامجنا وتوجهاتنا.  يريدون إخراس صوتي في هذه الجلسات لأنه سيتم فيها مناقشة قضايا هامة مثل تنقيح قانون المحكمة الدستورية.

نحن نعطل فقط كل المشاريع المضرة للشعب التونسي ومصلحته وكل الانتهاكات والمخالفات القانونية التي يقومون بها، نعطل عملية الاختراق الأجنبي المفضوح والتمويل الأجنبي المتدفق لتمويل تغطية أنشطة البرلمان، مما يمس سيادة البرلمان الذي نال الشعب من أجله.

ما سر العداء بينك وبين حركة النهضة؟

السر واضح، هذا التنظيم دخل تونس عبر التحايل، نحن كشفنا الملف القانوني لهذا الحزب عندما تقدم به في ٢٠١١، لقد وضعوا فيه برنامجا سياسيا لا يمت لبرنامجهم الحقيقي، أخفوا فيه مرجعيتهم الدينية وعلاقتهم بالتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين. وحصلوا على التأشيرة دون استكمال باقي الوثائق القانونية، محل الملاحقات القضائية وقبل أن يقدموا ما يفيد سقوط تلك القضايا.

دخلوا إلى تونس في موجة ما يسمى بالثورة، ولم يفطن الشعب لكل هذه الخروقات، وفي ٢٠١٢، عقدوا مؤتمرا وغيروا برنامجهم الذين حصلوا بمقتضاه على تأشيرة الحزب وأقروا المرجعية الدينية وحذفوا بعض البنود المتعلقة بحقوق المرأة والحقوق المجتمعية.

خلال فترة حكمهم، شهد الشعب التونسي تغلغل الإرهاب وأصحاب الأعلام السوداء والاغتيالات السياسية غير المسبوقة، وعمليات القتل وذبح الجنود والاعتداء على السفارة الأميركية والدعوة للجهاد في سوريا، كما أغرقوا البلاد بأخطبوط (أذرعه من) الجمعيات الأجنبية الداعية لدولة الخلافة وتقويض النظام الجمهوري وقوانين الأحوال الشخصية.

“الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” يدرس كل ما هو مخالف لمجلة الأحوال الشخصية التونسية وكل ما هو متطرف ويدعو للإرهاب. إن هذا الحزب (النهضة) ليس حزبا مدنيا، ليس حزب تونسيا لا يحمل برنامجا تونسيا. هو فرع وذراع من فروع الإخوان المسلمين.

“الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” في تونس مكون من قيادات حزب النهضة، واتضح ذلك بعد قدوم نواب النهضة للدفاع عن المقر أثناء اعتصامنا أمامه.

كما أنهم يضخون مليارات الدولات في تونس من خلال الجمعيات المشبوهة التي تم منعها في دول أخرى مثل جمعية الإغاثة التي تم منعها في ألمانيا، لأنها تقوم بتبيض أموال الإخوان عبر العالم، فقد ضخوا ٤٠٠ مليون دينار تونسي في مشروعات لا أثر لها في الواقع. كما يفضلون اقتصادات الدول الموالية لهم على الاقتصاد التونسي، إذ نشروا الاقتصاد الموازي وأضروا بالمنظومة الاجتماعية وأفلسوا الصناديق الاجتماعية.

هذا الحزب لا يخدم مصلحة المجتمع التونسي ويخرق الدستور التونسي، لذلك لا يمكن التعامل معه أو القبول به طرفا في الديمقراطية لأنهم يستعملون الديمقراطية مرة واحدة، وعندما يتمكنون من مفاصل الدولة سيمحون أي أثر للديمقراطية سيكرسون للديكتاتورية الغاشمة، وما يقومون به في مجلس نواب تونس قطرة في بحر ما سيقومون به إذا تمكنوا من مفاصل الدولة من الناحية السياسية.

خلال الأسابيع الماضية، نظم “الحزب الدستوري الحر” مظاهرات في مدن مختلفة، كما نظمت “حركة النهضة” مظاهرات مضادة لها، يتخوف بعض المراقبين من تطور احتجاجات هذه الحشود إلى أعمال عنف، ما تعليقك؟

نحن في “الحزب الدستوري الحر” لا نتبنى منطق العنف ولا منطق الفوضى، نحن نستطيع أن نحشد عشرات الآلاف من التونسيين دون أي فوضى أو عنف أو إضرار بالممتلكات العامة. تحركاتنا الشعبية في الشارع هي سلمية ومن حقنا كحزب معارض تبليغ صوتنا للسلطة.

البدعة أن من هم في السلطة يخرجون للشارع وفي مظاهرات وبالتالي ما لجأت إليه حركة النهضة هو استعراض للعضلات عبر تجنيد إمكانيات الدولة وتجنيد الأموال واستعمال السلطات المحلية، وهي بدعة تشي بدكتاتورية هذه الحركة.

نحن نطالب بتحسين الأوضاع وتغيير كل ما يجب تغيره لإنقاذ البلاد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وسنواصل الخروج للشارع والتعبئة العامة من شمال البلاد لجنوبها لنبلغ صوتنا.

ما ردك على الاتهامات الموجه لك بالحصول على تمويل خارجي وخاصة من دول خليجية لمواجهة “حركة النهضة”؟

هذه تهمة باطلة يستعملها الإخوان لمواجهة التهم التي وجهتها لهم بتلقي تمويل قطري. إنه هجوم معاكس لإخراس أصواتنا، حزبنا تقدم بشكوى للقضاء للمطالبة بفتح تحقيقا في التمويلات الأجنبية للأحزاب، نحن الحزب الوحيد في تونس الذي تقدم بمراسلة واضحة للبنك المركزي التونسي نقول له إننا ليس لنا أي علاقة بجهات خارجية وبأن حسابتنا البنكية أمامه ويمكنه التثبت من كل شيء.

كما أن تقرير محكمة المحاسبات الخاص بالانتخابات التشريعية لم تدرج به أي تهمة من قريب أو بعيد للحزب الدستوري الحر بأنه تلقى أي تمويلات الخارجية.

أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة ارتفاعا كبيرا في شعبيتك بين التونسيين، وصلت إلى 31% مقابل 35% للرئيس الحالي قيس سعيد، هل تنوين الترشح لانتخابات الرئاسة القادمة؟

مسألة الترشح للرئاسة من عدمها مسألة سابقة لأوانها باعتبار أننا نعمل من أجل قضية وطن بغض النظر عن المحطات الانتخابية التي سيقول الحزب فيها كلمته. ما يمكن أن نقوله هو إن “الحزب الدستوري الحر” يسعى بطريقة قانونية وديمقراطية وفي إطار استعمال كل الوسائل المتاحة للمعارضة لكي نمكن الشعب التونسي من حسن الاختيار ولكي نتسلم مقود البلاد  بطريقة ديمقراطية ونقوم بكل الإصلاحات الضرورية لإخراج تونس من هذه الأزمة .

Share this Article
آخر الأخبار