(دعمتها الحكومة وأسقطها البرلمان)- تفاصيل اتّفاقية صندوق قطر للتنمية..

رصد
رصد

أسقط مجلس نواب الشعب في جلسته العامة الثلاثاء، مشروع قانون أساسي يتعلق بالموافقة على اتفاقية مقر بين حكومة الجمهورية التونسية وصندوق قطر للتنمية حول فتح مكتب لصندوق قطر للتنمية بتونس، وذلك نتيجة لعدم حصوله على الأغلبية المطلقة من الأصوات.

وصوّت لصالح مشروع القانون 51 نائبا في حين رفضه 39 نائبا واحتفظ 25 نائبا بأصواتهم علما وأنّ الجلسة حضرتها وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية، التي أكدت أنّ القانون لا يمس بأيّ شكل من الأشكال بالسيادة الوطنية لتونس وأنه سيدفع الاستثمار والمشاريع التنموية.

وأكدت نمصية في إجابتها على أسئلة النواب، ترحيب تونس بالمشاريع التنموية وأنّ الحكومة التي أعدت قانون المالية لسنة 2024 تسعى إلى جلب الاستثمار ودفع عجلة التنمية وليس لديها خيارات اخرى خاصة في ظل التطلع إلى تحقيق نسب نمو أعلى.

مشروع القانون الأساسي يتعلق بالموافقة على اتفاقية مقر بين حكومة الجمهورية التونسية وصندوق قطر للتنمية حول فتح مكتب لصندوق قطر للتنمية بتونس، أثار عديد التساؤلات حول ما إذا كان كان هذا القانون مسا للسيادة الوطنية من عدمها.

سنحاول من خلال هذا المقال تفسير مشروع القانون والمسار الذي مر به ومن دافع عنه وأيده من وزارات وكتاب دولة، ومن رفضه وصولا للجلسة العامة وعرضه على التصويت، كما سنقوم بتفسير مهام صندوقُ قطرِ للتنميةِ وأهدافه الإستراتيجية.

مشروع القانون

يتضمن مشروع القانون الأساسي المتعلق بالموافقة على اتفاقية مقر بين حكومة الجمهورية التونسية وصندوق قطر للتنمية حول فتح مكتب لصندوق قطر للتنمية بتونس، على فصل وحيد وفق ما تم نشره في الموقع الالكتروني لمجلس النواب إذ ينص ” تتم الموافقة على اتفاقية مقر بين حكومة الجمهورية التونسية وصندوق قطر للتنمية حول فتح مكتب لصندوق قطر للتنمية بتونس الموقعة في 12 جوان 2019 والملحقة بهذا القانون الأساسي.

شرح الأسباب

وفي علاقة بشرح الأسباب ضمن هذا المشروع فان مشروع القانون الأساسي المعروض يهدف إلى الموافقة على اتفاقية مقر بين حكومة الجمهورية التونسية وصندوق قطر للتنمية حول فتح مكتب الصندوق قطر للتنمية بتونس وذلك طبقا لمقتضيات الفصل 75 من الدستور.

الإطار العام

في إطار تعزيز التعاون الثنائي بين الجمهورية التونسية ودولة قطر من أجل النهوض بالعمل التنموي وذلك عبر ارساء اليات لتمويل المشاريع التنموية واتخاذ اجراءات عملية لتنفيذها أبرمت الجمهورية التونسية بتاريخ 12 جوان 2019 مع صندوق قطر للتنمية اتفاقية مقر حول فتح مكتب للصندوق قطر للتنمية بتونس. وقد منحت دولة قطر خلال منتدى الاستثمار تونس 2020 لسنة 2016 مبلغ 250 مليون دولار امريكي للمساهمة في تمويل مشاريع تنموية بتونس عبر صندوق قطر للتنمية وقد تم امضاء مذكرة تفاهم بخصوص فتح مكتب صندوق قطر بتونس للمساهمة في انجاز مشاريع تنموية بتونس. وتمت موافقة صندوق قطر للتنمية على المساهمة في تمويل مشروع مستشفى الأطفال بتونس الكبرى بمبلغ 82 مليون دولار أمريكي

أهداف الاتفاقية

تهدف هذه الاتفاقية إلى فتح. مكتب صندوق قطر للتنمية بتونس للمساهمة في تمويل مشاريع تنموية والتعريف بأهداف المكتب ومنح التسهيلات اللازمة لإنجاز المشاريع التنموية المقترحة للتمويل على صندوق قطر للتنمية، وتحديد حقوق والتزامات كل من الطرفين وتحديد الإطار الضريبي والقانوني والشروط التي على أساسهة السيتم فتح المكتب وتنفيذ المشاريع.

ويهدف مكتب صندوق قطر للتنمية بتونس إلى تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين والرفع من الدعم الذي تقدمه دولة قطر إلى الجمهورية التونسية وذلك من خلال تمويل مشاريع تنموية وتوفير الدعم الفني وتعزيز القدرات بخصوص المشاريع التي يمولها أو يستثمر فيها صندوق قطر للتنمية بتونس.

المسار الزمني

وأما عن المسار الزمني لدراسة مشروع القانون، فقد ورد المشروع بتاريخ 18 جانفي 2024 على لجنة العلاقات الخارجية والتعاون الدولي وشؤون التونسيين بالخارج والهجرة وهو من مهام اللجنة وصلاحيتها حيث تختصّ بالنظر في المشاريع والمقترحات والمسائل المتعلقة بالعلاقات الخارجية والتعاون الدولي، والمعاهدات والاتفاقيات الدولية.. وتم بتاريخ 22 جانفي 2024 إحالة المشروع على اللجنة وفي ما يلي جلسات اللجنة : 24 جانفي 2024/ 1 فيفري 2024/ 15 فيفري 2024/ 22 فيفري 2024 / 18 مارس 2024. وقد قررت اللجنة الموافقة على مشروع القانون الأساسي.

تقرير اللجنة

قالت لجنة العلاقات الخارجية والتعاون الدولي وشؤون التونسيين بالخارج والهجرة، في تقريرها حول مشروع قانون أساسي يتعلق بالموافقة على اتفاقية مقر بين حكومة الجمهورية التونسية وصندوق قطر للتنمية حول فتح مكتب لصندوق قطر للتنمية بتونس، أنه تم ابرام اتفاقية المقربين حكومة الجمهورية التونسية وصندوق قطر للتنمية حول فتح مكتب الصندوق قطر للتنمية بتونس بتاريخ 12 جوان 2019 وذلك في إطار تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين من أجل
أضافت اللجنة في ذات التقرير أن هذه الاتفاقية تهدف إلى فتح مكتب الصندوق قطر للتنمية بتونس قصد المساهمة في تمويل مشاريع تنموية ومنح التسهيلات اللازمة لإنجاز المشاريع التنموية المقترحة على صندوق قطر للتنمية التمويلها كما ترمي الاتفاقية إلى تحديد حقوق والتزامات كلا الطرفين وتحديد الإطار الضريبي والقانوني والشروط التي على أساسها سيتم فتح المكتب وتنفيذ المشاريع.

أعمال اللجنة

أكدت اللجنة أن عدد من النواب اعتبروا أن دورها (الاتفاقية) تنموي وهي لا تمس من السيادة الوطنية أو استقلالية القرار باعتبار أنها ستساهم في دفع الاقتصاد الوطني عبر بعث مشاريع تنموية وأن الموازنات الاقتصادية والسياسية العالمية في تغير مستمر ولابد من توظيف هذه الديناميكية لصالح الاقتصاد الوطني.

في حين رأى البعض الآخر أن هذه الاتفاقية تتضمن عدة إخلالات على مستوى الشكل والمضمون باعتبار أن الاتفاقيات تبرم بين الدول أو بين الاتحادات العالمية في حين أبرمت هذه الاتفاقية بين الحكومة التونسية والمدير العام لصندوق قطر للتنمية، واعتبروا أن في هذا مس من السيادة الوطنية. كما لاحظوا أن مشروع القانون المعروض على اللجنة ورد في صيغة قانون أساسي في حين أن الامتيازات التي يمنحها تدخل ضمن مجال القانون العادي وفق نص الدستور.

وفي هذا السياق أشار عدد من النواب إلى أن مجال تدخل هذه الاتفاقية شاسع وحساس إذ تشمل قطاعات كالصحة والتعليم والتربية والفلاحة وهي تعطي امتيازات هامة للصندوق كحق امتلاك الأراضي الفلاحية وحق اختيار موظفيه دون أن يكون للدولة التونسية إمكانية إجراء أي شكل من أشكال الرقابة أو التدخل في هذا الاختيار كما لا يمكنها اتخاذ أي إجراءات تشريعية أو ترتيبية من شأنها أن تعيق المشاريع التنموية التي يساهم الصندوق في تمويلها. وتساءل نائب آخر عن الضمانات التي تتمتع بها البلاد التونسية إزاء اتفاقية كهذه وطالب بإعادة النظر فيها حيث لا يتم تغليب مصلحة الغير على المصلحة الوطنية.

الاستماع إلى كاتب الدولة

عند مداخلته أكد كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج منير بن رجيبة، متانة الإطار القانوني الذي ينظم العلاقات الاقتصادية بين تونس وقطر إذ يبلغ عدد الاتفاقيات المبرمة بينهما 88 اتفاقية تغطي جميع المجالات، مضيفا أن قطر تعتبر أهم مستثمر عربي بتونس كما تعد سوقا تشغيلية هامة إذ يبلغ عدد الجالية التونسية بها 42 ألف تونسي يتوزعون بين مختلف أجهزة الدولة والقطاع الخاص.

كما تولى كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج تقديم بسطة عن الاتفاقية المعروضة على أنظار اللجنة موضحا أنها تهدف إلى فتح مكتب لصندوق قطر للتنمية بتونس قصد تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين والرفع من الدعم الذي تقدمه دولة قطر إلى بلادنا من خلال تمويل مشاريع تنموية…

وفي رده على استفسارات النواب، ثمّن كاتب الدولة ملاحظاتهم البناءة ونقاشهم المتعقل ثم أعطى بسطة عن مسار الاتفاقية موضحا أنه يتم دراسة هذه الاتفاقيات بجدية لدى مصالح وزارة الشؤون الخارجية كما أنها تعرض على الوزارات والهياكل المعنية قبل اتخاذ أي قرار في شأنها مبينا في هذا السياق ان هذه الاتفاقية حظيت بموافقة الهياكل المعنية.

الاحترام الكلي للسيادة الوطنية

في تدخلاتهم، قدم ممثلو وزارة الاقتصاد والتخطيط لمحة عن مسار الاتفاقية قبل توقيعها، فبينوا أنها عرضت على مختلف الهياكل المعنية للنظر فيها والتدقيق في كل فصولها لضمان احترامها للتشريع التونسي وحتى لا تخرج الامتيازات المسندة للصندوق عن المعمول به مع غيره من الصناديق.

أما عن الفوائد المنتظرة من الاتفاقية، فقد بين ممثلو الوزارة أن صندوق قطر للتنمية مؤسسة مالية تمول مشاريع تنموية عن طريق القروض والهبات ولها شروط تفاضلية ميسرة مقارنة مع غيرها من الصناديق حيث لا تتجاوز نسبة الفائدة 2 و3% على فترات تصل إلى 40 سنة وبفترة امهال عامة، ملاحظين في هذا الإطار أن تونس فقدت تمويلات هامة نتيجة عدم استكمال إجراءات الموافقة على هذه الاتفاقية ومنها مشروع مستشفى منوبة والذي رصدت له تمويلات بقيمة 82 مليون دولار بشروط مالية ميسرة لكن التنفيذ معطل في انتظار استكمال إجراءات الموافقة على اتفاقية المقر…

تمويل المشاريع التنموية

كما بين ممثلو وزارة المالية أنه تم إبرام مذكرة تفاهم مع الجانب القطري حول فتح مكتب الصندوق قطر للتنمية للمساهمة في تمويل مشاريع تنموية بتاريخ 29 نوفمبر 2016 خلال مؤتمر الاستثمار تونس 2020 واستمرت المفاوضات مع الجانب القطري حول مقترحه الأصلي كما استمرت الاجتماعات بين مختلف الجهات التونسية المتداخلة إلى غاية جوان 2019 تاريخ امضاء الاتفاقية وكان الهدف من ذلك تحقيق مصلحة تونس.

ولفتوا إلى أن دولة قطر ساهمت في تمويل عدد من المشاريع التنموية بحوالي 90 مليون دولار إلى غاية فيفري 2024 وقد تعهدت في إطار مؤتمر الاستثمار بدعم الجمهورية التونسية بمبلغ 1250 مليون دولار أمريكي منها 1000 مليون دولار وديعة لدى البنك المركزي التونسي و 250 مليون دولار للمساهمة في تمويل مشاريع تنموية في الجمهورية التونسية… وبالتالي فإنه يمكن تطوير التعاون مع صندوق قطر للتنمية في المجالات التي تتماشى مع التوجهات العامة للدولة كما يمكن الترفيع في مبالغ التمويل خاصة وأن الاتفاقية لم ترصد مبلغا محددا لتمويل المشاريع لذا فإنه يمكن الحصول على مبالغ أهم.

ما هو صندوقُ قطرِ للتنميةِ؟

وفقا للموقع الالكتروني لصندوقُ قطرِ للتنميةِ فان هذه المؤسسة تعرف نفسها على كونها ” ركيزةُ التنميةِ الدوليةِ لدولةِ قطرَ والمُكرسُ للنهوضِ بالتنميةِ البشريةِ، والتخفيفِ من حدةِ الفقرِ، والارتقاءِ بالخدماتِ الصحيةِ والنظمِ التعليميةِ، وتوثيقِ عُرى التنميةِ الاقتصاديةِ، وحشدِ المساعداتِ الإنسانيةِ، وتعزيزِ قدرةِ المجتمعاتِ على الصمودِ في مواجهةِ تحدياتِ تغيرِ المناخ.”

ويضيف الموقع في ذات التعريف” استرشادًا برؤيةِ قطرِ الوطنيةِ 2030 وخطةِ التنميةِ المستدامةِ لعامِ 2030، نحنُ نهدفُ إلى جعلِ دولةِ قطرَ طرفًا فاعلًا ورائدًا في التنميةِ الدوليةِ. وذلكَ من خلالِ شراكاتِنا مع وكالاتِ متعددةِ الأطرافِ، ومقدمي المعوناتِ والمساعداتِ الثنائيةِ، والقطاعِ الخاصِ، ومنظماتِ المجتمعِ المدنيِ والمنظماتِ غيرِ الحكوميةِ؛ حيث نوفرُ تمويلًا مرنًا قائمًا على المشاريعِ والمساهماتِ الأساسيةِ من خلالِ تقديمِ المنحِ، والقروضِ الميسرةِ، والضماناتِ والاستثماراتِ التنمويةِ…”

هي أهدافه الإستراتيجية؟

كما يؤكد صندوقُ قطرِ للتنميةِ وفقا لموقعه الالكتروني أن من بين الأهداف الإستراتيجية له “تركيز الدعم على البلدان النامية على أساس احتياجات المتلقي والمصالح المشتركة، الوفاء بالتزامات قطر الدولية من خلال دعم تحقيق التنمية المستدامة، أهداف التنمية: تعزيز التعاون والشراكات المحلية والدولية لتحقيق تأثير أكبر، بناء وتعزيز القدرات الداخلية لصندوق قطر للتنمية، تطوير مجموعة واسعة من المنتجات وضمان استدامة الموارد العامة “.

أكثر من 100 دولة

كشف المدير العام لصندوق قطر للتنمية خليفة بن جاسم الكواري عن إنفاق الصندوق أكثر من 6 مليارات دولار في صورة مساعدات تنموية وإنسانية إلى أكثر من 100 دولة حول العالم وذلك منذ إنشائه عام 2002، بهدف توفير الأدوات المالية للبلدان النامية في العالم العربي وخارجه والاستجابة الفعالة للمساعدات الإنسانية والتنموية.
وأوضح الكواري -في حوار مع الجزيرة نت- أن الصندوق ينفق ما بين 500 و600 مليون دولار أميركي سنويا لتمويل المشاريع التنموية والإنسانية لتلبية الاحتياجات الإنسانية للمستفيدين في المجتمعات الهشة من دون انتظار لأي عائد مادي.

وأضاف أن الصندوق يعد واجهة دولة قطر في دعم الشعوب عن طريق توفير الأدوات المالية والبرامج لتحقيق التنمية الشاملة في العالم، لافتا إلى أن ميزانية الصندوق تُحدَد سنويا بناء على تعهدات دولة قطر لصالح الدول النامية التي تعلن سنويا في المؤتمرات الدولية والمحلية حسب الأزمات التنموية والإنسانية ذات الأولوية.

Share this Article
Leave a comment
آخر الأخبار