كالعادة.. أمير الطرب العربي صابر الرباعي يتألّق على ركح قرطاج للمرة 20 في مسيرته أمام جمهور غفير
لم يخيّب أمير الغناء العربي صابر الرباعي آمال عشاقه ومعجبيه الذين توافدوا باكرا جدّا، الليلة الماضية (11 أوت)، على المسرح الروماني بقرطاج حيث مكثوا في طوابير طويلة من أجل الظفر بالمدرّجات الأمامية للمسرح الذي فاق طاقة استيعابه قبل بداية الحفل بنحو 30 دقيقة.
الفنان صابر الرباعي الذي كان اعتلى ركح المسرح الروماني بقرطاج لما يناهز 20 مرة في مسيرته الفنية، حيث كانت المرة الأولى سنة 1994، سجّل في هذا العرض حضور وزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط القرمازي، فقدّم مصحوبا بفرقة موسيقية بقيادة قيس المليتي، سهرة استثنائية استمرّت لما يناهز ساعتيْن ونصف.
وأغدق على جمهوره بمختارات غنائية متنوعة، راوح فيها بين الطرب والأغاني الإيقاعية والأغاني باللهجة التونسية، كما راوح بين الأغاني الجديدة والقديمة. فتغنى بالمرأة واستجاب لرغبات الجمهور الذي لم يبخل في إمتاعه بباقة متنوعة من الأغاني الرومنسية التي ظلت آسرة للجمهور العربي بكلماتها وإيقاعاتها وتوليفاتها الموسيقية التي تُراوح ببراعة بين الأنماط الموسيقية التونسية والشرقية والطرب العربي الأصيل.
واستهلّ سهرته بأغنية « مغيار » و »دلولة » ثم استمع الجمهور إلى أغاني « ببساطة » و »تمنيت » و »يا للاّ » و »عزت نفسي ». ومن باقة أغانيه الجديدة، ردّد صابر مع جمهوره « خلوني »، ثم أتبعها بأغاني « يا دلولة » و »الطفلة العربية ». وتغير نسق العرض مجددا من الإيقاعات الشرقية إلى الألحان التونسية، إذ أدى باقة من أغاني الفنان الراحل قاسم كافي ثم من أغاني محمد الجموسي.
لقد أكد الفنان صابر الرباعي مجددا من خلال هذا الحفل على أنه نجم ساطع في سماء الفن العربي، بحضوره الركحي المميز وبإتقانه الغناء بلهجات مختلفة، وبإنتاجه الغزير والمتجدد على مدى كامل مسيرته الفنية البالغة نحو أكثر ثلاثة عقود.
واعتبر صابر الرباعي في الندوة الصحفية التي تلت الحفل مباشرة أن مهرجان قرطاج هو بمثابة تحدٍّ بالنسبة إليه ومسؤولية أكبر، فهو يرى أن التحضير لحفله على ركح المسرح الروماني بقرطاج يحظى باهتمام خاص من قِبلِهِ ومن قبل أيّ فنان يغني على ركح هذا الصّرح التاريخي العريق، ذلك أن جمهوره نوعي وبرمجته دوما تحت مجهر الصحافة والنقاد والجمهور، ملاحظا أن نجاح الفنان في امتحان قرطاج هو انتصار له.
وعن حضوره الأخير في القطر السوري الشقيق للغناء، قال الرباعي إنه تحدٍّ من نوع آخر نظرا للظروف التي عرفتها سوريا على مدى 12 عاما، مؤكدا أنه قبِل الغناء هناك دون تردّد أو تفكير ووجد في المقابل كل الحفاوة والترحاب من الجمهور السوري.
على ركح مهرجان قرطاج .. السوبر ستار راغب علامة يتألق ويغازل الجمهور التونسي
« أنتم من صنعت لكم الأغنيات » بهذه الكلمات الحبلى بالمعاني والحب الصادق خاطب السوبر ستار راغب علامة جمهور قرطاج، في حفله مساء السبت 5 أوت 2023 ضمن فعاليات الدورة السابعة والخمسين لمهرجان قرطاج الدولي، سهرة لم تحقق نجاحا جماهيريا وفنيا فحسب، بل جاءت لتؤكد قصة الحب الذي لم ولن ينتهي بين سفير الرومانسية راغب علامة والجمهور التونسي .
جمهور غفير جدا فاق طاقة استيعاب المسرح الأثري بقرطاج تحوّل قبل ساعات من انطلاق الحفل، لا لشيء سوى للاستمتاع بصوت فنان يمضي بخطى ثابتة وعلى نفس المنهج منذ بداية الثمانينات محافظا على بريقه الفني ونجوميته، ساعات من الانتظار والشوق والهتافات المتكررة قبل أن يعلن النشيد الوطني التونسي على تمام الساعة العاشرة ليلا انطلاق الحفل، وقبل أن يعتلي نجم السهرة الركح عرض على شاشة خلفية مقاطع من حفلاته السابقة تؤكد نجوميته وشعبيته.
ومع انطلاق العدّ التنازلي وتحت وابل من التصفيق والهتاف والزغاريد أطل نجم السهرة السوبر ستار راغب علامة كعادته أنيقا ورشيقا ببدلته السوداء ليفتتح برنامجه الغنائي بأغنية « يغيب » التي أنتجها منذ ما يزيد عن عشر سنوات وناهز عدد مشاهداتها على اليوتيوب سبعة ملاين مشاهدة .
ولأنها أصبحت بالنسبة إليه سنّة قرطاجنية، لم يتوان سوبر ستار العرب عن مغازلة جمهور قرطاج بمفردات تونسية كـ « نحبكم برشة » و »نموت عليكم » ، مؤكدا ان لسانه يعجز عن وصف سعادته بلقاء الجمهور التونسي ومحبته له، وفي حركة لاقت استحسان الحضور استقبل السوبر ستار اللبناني إبنه خالد على الركح مؤكدا أن المرة الأولى التي اعتلى فيها نجله ركح قرطاج لم يتجاوز عمره السبع سنوات .
لعل ما زاد في حماس جمهور قرطاج هو اصرار النجم اللبناني على التفاعل معه حيث لم يتردد في مصافحة المعجبات واخذ صور « سلفي » معهن والرقص، كما فسح المجال والركح للأطفال لمعانقته والغناء معه، ليؤكد أن تلقائيته وسياسته الاتصالية سرّ من أسرار استمراريته وشعبيته .
عرف راغب علامة بقربه وحبه للجمهور التونسي ومن البديهي أن يغني له في هذه السهرة « انت الحبّ الكبير »، قبل أن يهديه آخر انتاجاته « في كثير حلوين » مؤكدا أن فكرة هذه الأغنية ولدت اثر حفله على ركح قرطاج خلال الدورة الفارطة وأن من قام بتوزيعها هو الموزع والفنان التونسي حمدي المهيري الذي حيّاه واستقبله بالأحضان على الركح .
انتقل النجم اللبناني من أغنية الى أخرى محافظا على نفس النسق طيلة ساعتين، وأسر معجبيه وخاصة معجباته، بسحر أغانيه الرومانسية وحضوره الركحي اللافت للنظر، ورغم الرقص المتواصل والصراخ والهتافات التي لم تنقطع، فقد طغي على سهرة راغب علامة الطابع الرومانسي المميز له، وفي خطوة غير متوقعة منه، طلب النجم اللبناني من الجمهور أداء أغنية « نسيني الدنيا » لتنقلب الأدوار ويتحول السوبر ستار الى كورال يرافق الجمهور في أداء كلمات أغنية طالما ردّدها العشاق بداية القرن الواحد والعشرين واقتحم من خلالها قلوب الملايين، ونشير الى أن هذه الأغنية صدرت ضمن ألبوم « الحب الكبير » سنة 2004 .
وبتلقائيته المعهودة توجه السوبر ستار اللبناني بتحية الى احدى السيدات من الحضور والتي كان يبدو عليها المرض والإرهاق كما دعاها للالتحاق به وسلمها الميكرو ليفاجئ أثناء الحديث معها أنها من أشد معجباته وأنها كانت تعاني من مرض السرطان وبمجرد شفائها أصرت على حضور حفله، كلمات أثرت في الفنان اللبناني الذي توجه لها بالتحية وعبر لها عن اعجابه بإصرارها وقوتها.
عرض فرجوي متميز، قدم فيه سفير الرومانسية البعض من « ريبرتواره » القديم على غرار » فورا غرام » و »اللي باعنا خسر دلعنا » هذه الأغنية التي تجاوزت الـ 100 مليون مشاهدة عبر قناته الرسمية على اليوتيوب، كما غنى « قلبي عشقها » و » تركني لحالي » و »آسف حبيبتي » و »مغرم يا ليل » و « يا ليت فيا خبيها » و »سهروني الليل عيونك » و « أنا اسمي حبيبك » و »طب ليه » وغيرها من اغانيه التي بقيت محفورة في الذاكرة ورددها معه الجمهور بكل حماس .
وبالجبّة والشاشية التونسية، غنى الفنان اللبناني « يا بنت السلطان » التي تعيده الى بداياته في الثمانينات، حيث غنى هذه الأغنية بإذاعة لبنان العربي في أول ظهور له .
و لأنه يختار برنامجه الغنائي بدقة، ويحاول إرضاء كل الأجيال فمن الطبيعي ان يوازن بين الجديد والقديم حيث غنى « استمارة 6″ و »شو مهضومة » .
حفل أكد خلاله راغب علامة أنه « سوبر ستار » ونجم الأرقام القياسية ، حيث تمكن لا فقط من جمع عديد الأجيال بل أثبت أن قصة حب استثنائية وغريبة تجمعه بالجمهور التونسي، وعبر سليل جنوب بيروت عن هذا الحب بأدائه لأغنية « يا حياتي » التي أهداها لكل من حضر وواكب حفلته.
وخلال الندوة الصحفية التي عقبت الحفل، عبر النجم اللبناني عن شكره وامتنانه للإعلام التونسي الذي طالما دعمه طيلة مشواره الفني، وفي إجابته عن أسئلة الصحفيين ذكر راغب علامه أنه يستعد حاليا لإصدار أغنية جديدة موفى هذا الشهر تحمل عنوان « كل الناس بتغني » كما كشف عن تعاون تونسي سيجمعه مع المايسترو محمد الأسود في أغنية تحمل عنوان « يا زين الزين يا غرامي » من كلمات الشاعر الدكتور علي الورتاني .
وعن سر نجاحه واستمرار شعبيته وجماهيريته ، أكد راغب علامة أن شغفه بفنه وحبه لعمله ومعرفته المسبقة لما يريده الجمهور، هو سرّ نجاحه لأكثر من 4 عقود ، مضيفا أنه فنان يحمل على عاتقه شواغل شعبه بعيدا عن كل الأهداف السياسية .
على ركح قرطاج: ناصيف زيتون يكتب صفحة أخرى في مسيرة نجاحه
وهو يستعد للقائه الرابع بجمهور قرطاج مساء السبت 29 جويلية ذكر الفنان السوري ناصيف زيتون خلال الندوة الصحفية التي جمعته قبل يوم بممثلي وسائل الإعلام الوطنية والعربية أن هذا الجمهور هو من منحه « باسبور » النجاح، ورغم هذا النجاح الذي اكتسح كل رقعة في المشهد الفني العربي يعترف الفنان السوري بعد أربع سنوات من اللقاء الأخير: « كبر التحدي وازداد الخوف »…
ساعات قبل انطلاق العرض، طقس شديد الحرارة وأبواب فتحت قبل الساعة السابعة لاستقبال جمهور حجز أماكنه منذ أسبوعين وأكثر واتجه إلى المسرح الروماني حوالي الخامسة عصرا، حركة غير عادية تنبؤ بليلة من ليالي قرطاج الساحرة… حلّت الساعة الثامنة مساء ولم تتبق على المدارج وأطرافها مساحة شاغرة للوقوف، ساعتان اضافيتان من الانتظار تحمّلهما بكل حب وصبر يغنّي أحيانا ويدردش أحيانا ويوثّق اللحظة بصورة فردية أو جماعية أحيانا أخرى… إنه مهرجان قرطاج يلد اللحظة ولا يكرّرها.
حالمًا بالكاد تلامس قدماه أرضية المسرح أطلّ ناصيف زيتون على جمهور الدورة السابعة والخمسين لمهرجان قرطاج في موعد جديد أشبه بلقاء الأحبة (أو هو كذلك فعلا)، بعد حفله الأخير في 2019 كبر السوري ابن درعا أربعة أعوام وأغنيات، لم يعد ذلك الفتى الخجول الخائف من مواجهة جمهور أجمع كلّ من غنّى أمامه على رفعة ذوقه ورهافة حسّه، لقد وجد كلاهما ـ ناصيف والجمهورـ لغة مشتركة للتواصل والتكامل تشكّلت مفرداتها في مساحة ساحرة آسرة ومدهشة هي المسرح الروماني العظيم، فالأول اجتهد لتطوير مدوّنته وتنويعها والثاني تابع كلّ ألبوماته وحفظ أغانيه وحضر بكثافة ليسانده في هذا الاختبار الفني الرابع الذي يخوضه في مهرجان قرطاج الدولي.
ناصيف زيتون خريج ستار أكاديمي 2009 يثبت من خلال هذا الصرح التاريخي أنه لم يكن فقاعة هوائية ولا ظاهرة صوتية وإنما فنان يتقن مختلف أساليب الغناء فهو سليل الميجنا والعتابا والقدود والتواشيح، نهل منها وامتلأ بها لذلك لا يتغيّر صوته سواء سمعناه على إحدى المحامل أو مباشرة على الركح قويا صافيا دافئا وسواء غنّى بالفصحى أو العاميّة…
ساعتان ونصف غنّى خلالها ناصيف أكثر من عشرين أغنية متجاوزا المدّة المحددة للحفل وفاء لهذا الجمهور المدهش الذي تقاسم معه كلّ فقرات العرض منذ صعوده على الركح ب « كاراميلا » و »حب جنون » و »مانّو شرط » و »مش عم تظبط معي » و »أزمة ثقة » و »عندي قناعة » و »ما ودّعتك » وغيرها من الأغاني قديمة وأخرى حديثة الصدور حفضها الجمهور ورددها بمختلف إيقاعاتها بمجرّد أن تعزف الفرقة الموسيقية المتكونة من أربعة عشر عازفا مطلعها… ولم يكن الجمهور هو الوحيد الذي غنّى مع ناصيف بل رافقه في أغنية « موجوع » شاب تونسي من ذوي الاحتياجات الخاصة اتصل به قبل يوم وطلب منه تحقيق أمنيته بالغناء معه فلم يتردد الفنان في تلبية النداء وقد كشف الشاب التونسي عن عذوبة صوته وتمتعه بأذن موسيقية قادرة على ضبط المقامات.
كان الفنان السوري نجم سهرة السبت 29 جويلية منبهرا بهذا الحضور وذكر أنّه أعدّ كلاما كثيرا نسيه بمجرّد وقوفه على الركح لأن فرحته أكبر من الكلمات… ويبدو أن تلك الفرحة أفقدته الإحساس بالزمن (زمن العرض) فتجاوزه مضيفا لبرنامجه أغان أخرى غير مدرجة منها « باكتب اسمك يا بلادي » التي ختم بها حفله الفني الرابع على ركح قرطاج العريق في أجواء من الحماس والتفاعل.
قبل يوم من هذا الحفل ذكر ناصيف زيتون خلال الندوة الصحفية أن أول صعود له على ركح قرطاج ليس كبعده معترفا أن مسيرته شهدت منعرجا بعدما منحه الجمهور التونسي جواز النجاح بعد صائفة 2019… ويبدو أن صائفة 2023 وتحديدا مساء السبت 29 جويلية ستُكتب صفحة أخرى من نجاحات هذا الفنان الشاب.
في سهرة استثنائية على ركح مهرجان قرطاج.. رؤوف ماهر يُبدع و يُقتع
كان كل شيء يوحي بأن سهرة الجمعة 28 جويلية 2023 على ركح المسرح الأثري بقرطاج ستكون مختلفة واستثنائية جدا، وكيف لا تكون ونجمها فنان من طراز رفيع ، فنان سلاحه هويته التونسية الجنوبية، وميزته اعتزازه بتراثه وتمسكه بجذوره، صفات أكدها رؤوف ماهر في عرضه « صنديدة » الذي استقطب جمهورا غفيرا تحوّل بأعداد كبيرة الى المسرح الروماني.
جمهور رؤوف ماهر كان متحمسا للقائه منذ الإعلان عن برمجته في الدورة السابعة والخمسين لمهرجان قرطاج الدولي، وهو ما يفسر الإقبال القياسي على تذاكره إذ غنى أمام شبابيك مغلقة .. جمهور مختلف عن باقي السهرات، حيث لم يقتصر على فئة عمرية معيّنة، ففي هذه السهرة القرطاجنية رأينا الشباب بحماسهم المفرط وكبار السنّ بهدوئهم والأطفال بتلقائيتهم، سهرة حضرها تونسيون من شمال البلاد الى جنوبها، اضافة الى جزائريين وليبيين وغيرهم من الجنسيات المغاربية والعربية، ولأن جمهوره كان متنوعا ومختلفا، أهداه رؤوف ماهر بداية سهرته موالا خاصا عنوانه » سلامات » الذي تغني فيه بكل ولايات الجمهورية التونسية مرورا بالأشقاء المغاربة والعرب وصولا الى فلسطين .
رؤوف ماهر الذي أطل بالبرنس الجنوبي ( الوزرة) والشاشية التونسية، مسبوقا بفرقته وافرة العدد والتي ارتدى عناصرها أيضا الزي التقليدي الجنوبي، لم يغفل في عرضه عن أدق التفاصيل، حيث تزيّن ركح قرطاج بديكور بدوي انطلاقا من « بيت الشعر » وصولا الى القفة الجربية و »المرقوم »، كما صاحبته طيلة العرض فرق راقصة بملابس تقليدية اشراف « للّا زوينة »، إضافة الى مجموعة إحياء التراث بقصر الخراشفة ببني خداش، دون أن ننسى الكورال المتكوّن من المجموعة الصوتية حرايّر تونس بصفاقس، لوحة فسيفسائية ذات طابع تقليدي محملة بنفحات الجنوب التونسي حاملة إمضاء الفنان أنور الشعافي في الإخراج.
للمرأة وللوطن وللأم وللأخت غنى رؤوف ماهر وتغنّى بـ »الصنديدة » فهزّ صوته القوّي مدارج المسرح الروماني، وعلى امتداد أكثر من ساعتين قدّم باقة من أجمل الأغاني مع حضور ركحي متميز ليبرهن أنه جدير فعلا باعتلاء هذا الركح وبحب الجمهور الذي لم يخذله، حيث غنى معه ورقص بلا توقف وملأت الزغاريد أرجاء المكان احتفاء بابن الصحراء التونسية.
ومن الأغاني التي تفاعل معها الحضور بشكل كبير أغنية « مولات القربة »، قبل أن يلهب رؤوف ماهر حماس الجمهور بأدائه لكوكتيل جربي مصحوبا بلوحات فولكلورية، وبنفس النسق والكاريزما والطاقة الإيجابية انتقل رؤوف ماهر من أغنية الى أخرى بسلاسة وبساطة حيث تميز في أداء أغنية « شطّ السويحل »، وتألق في أغنية « الخطافة » التي ردّدها معه الجمهور متقمصا دور الكورال .
ولأن العرض يحمل عنوان « صنديدة » أهدى رؤوف ماهر هذه الاغنية الى كل التونسيات، ولعل ما زاد في جمال هذه الأغنية اللوحات الراقصة التي رافقتها، والأزياء الموشحة بالعلم التونسي، اضافة الى اعتلاء مجموعة من الفتيات الركح مرتديات لأزياء تعبر عن مهن معينة من الطبيبة الى المحامية وعون الأمن والمعلمة وغيرها من الإختصاصات التي تميزت فيها المرأة التونسية .
وتكريما منه للأم، غنى رؤوف ماهر « الولادة »، واستضاف معه على الركح كاتب كلماتها الشاعر بلقاسم عبهول الذي رافقه في ادائها شعرا فكان ثنائيا متناغما ومنسجما.. مراوحة بين الشعر والغناء لاقت استحسان الحضور الذي حياهما بالتصفيق والهتافات.
ومن المفاجآت التي قدمها رؤوف ماهر في هذه السهرة تكريمه لمجموعة من الفنانين والفنانات الذين رحلوا عن عالمنا، حيث غنى « جوك الخطابة » لمختار الغازولي، و »عزيز على أمه » لفايزة المحرصي، و »الفيزا » للطفي جرمانة، و »غريت بيا » لمنيرة حمدي، و »خاينة » لأشرف، و »عمي الشيفور » و »كرهبة كمال » لفاطمة بوساحة، و »ها الكمون منين » لقاسم كافي، وكلمسة وفاء منه لكل هؤلاء الذين غادرونا عرض رؤوف ماهر صورهم وأسماءهم على شاشة عملاقة، حركة نالت كل الاعجاب والتقدير ولعلها المرة الأولى التي يردّد فيها جمهور قرطاج كلمة « برافو » بكل حماس وتأثر . دون أن ننسى لمسة الوفاء التي أهداها نجم السهرة الى روح المطرب والملحن الليبي محمد حسن .
لم تتوقف مفاجآت رؤوف ماهر عند هذا الحدّ، بل فاجأ الجميع بإهدائه أغنية خاصة الى كل المطلقات، مرّر من خلالها رسالة إنسانية مفادها أن المرأة المطلقة ليست بالمذنبة أو السيئة، بل هي امرأة لم يحالفها الحظ لا غير ولا بدّ للمجتمع أن يغيّر نظرته تجاهها .
وبتأثر كبير أسر رؤوف ماهر الجمهور بغنائه موالا عن الأب، قبل أن يفاجئه بأداء كوكتال جزائري، تضمن أجمل أغاني الراي، وهي خطوة جريئة تحسب لصاحب « صنديدة »، كما أهدى رؤوف ماهر كل الحضور أغنية » الخوت »، مؤكدا أن النجاح الجماهيري الذي لاقاه عرض « صنديدة » على ركح قرطاج يعدّ أكبر هدية تلقاها وأكبر فوز له .
ولأن الجمهور كان متشوقا لسماعها خير رؤوف ماهر إسدال الستار على سهرته القرطاجنية بأداء الأغنية الأكثر انتشارا مؤخرا وهي « عروبية » طالبا من الجمهور إشعال أضواء هواتفهم ليتحول المسرح الروماني الى لؤلؤة مضيئة، في مشهد يلخص نجاح عرض « صنديدة » جماهيريا وفنيا .
لن نطيل الحديث لأن بعض الكلمات قد تعجز عن وصف سهرة من أجمل سهرات الدورة 57 لمهرجان قرطاج الدولي دون مبالغة فرؤوف ماهر ذلك الفنان الذي اختار لنفسه طريقا خاصا سلكه بثبات قدم درسا في الفن والموسيقى المحملة بعديد الرسائل، موسيقى الوطن والإنسان والحب والفرح.
مهرجان قرطاج الدولي 2023: نجاح جماهيري منقطع النظير لنوردو في أول حظور له على مسرح قرطاج
« نوردو » واسمه الحقيقي مروان الجبالي، مغنّي وممثل وملحن وراقص أيضا، تلك هي الصفات التي اكتشفها جمهور الدورة 57 لمهرجان قرطاج الدولي، الذي أقبل بأعداد غفيرة، الليلة الماضية (26 جويلية) على المسرح الروماني بقرطاج، لمتابعة عرض هذا المغني الشاب الذي سرعان ما سطع نجمه ليصبح واحدا من أكثر مغني الراب إنتاجا في تونس حيث أثبت في كل مرة أنه فنان متعدد المواهب، ويحتل المراتب الأولى مع كل أغنية جديدة يطلقها مثل « الأيام » وغيرها من الأغاني التي تحظى بمتابعة مكثّفة على اليوتيوب.
دام العرض حواليْ ساعتيْن، وتألف من مجموعة من الأغاني الخاصة بهذا الفنان الشاب الصاعد الذي اشتهر بأدائه الغنائي المتميّز، ولم يتوقف عند أسلوب موسيقي واحد، بل واضب على تطوير أدائه الغنائي وتنويعه، وهي أغان تصنّف ضمن نمط الأفروبوب (الموسيقى الشعبية الافريقية).
ووظف نوردو طاقاته الصوتية والموسيقية، فقدّم عملا فنيا متكاملا يجمع بين الموسيقى والغناء والكوريغرافيا. كما توفّرت فيه جميع مقوّمات العرض المتكامل أبرزها العناصر السينوغرافية. وصاحبته في هذا العمل مجموعة موسيقية تضمُ عازفين على الكمنجة والقيتار والباص والباتري إلى جانب آلات إيقاعية، بالإضافة إلى مجموعة من الراقصين عبّروا من خلال لوحاتهم الكوريغرافية عن مضمون الأغاني التي تنتصر للقيم الإنسانية الكونية السامية كالحرية والعدالة.
وأضفى نوردو على العرض مؤثرات بصريّة وجمالية بدت متناسقة مع الموسيقى المقدّمة. وأدّى رفقة جمهوره « عربوش » التي استهل بها الحفل واختتمه بها، إلى جانب باقة مختارة من أغانيه التي لاقت صدى جماهيريا واسعا على الأنترنت منها بالخصوص « غريبة » و »أنا والليل » و »في الامان » ودارو بينا » و »ليّام » و »وحش كلاني » و » »عينيّا » و »الأصحاب » و »يا دنيا ».
وبلغ إيقاع العرض ذروته مع أغاني « لا ماما » و »شوك العديان » و »عايش ليلي ». وواصل نوردو حفله بالحماس نفسه من بداية العرض إلى نهايته، منتشيا بالنجاح الجماهيري منقطع النظير في أوّل اختبار له على ركح المسرح الروماني بقرطاج. وهو جمهور لم يهدأ له بال على مدى العرض وظلّ يردّد جميع الأغاني دون استثناء بصوت قويّ وحماسيّ، فلعب وظيفة الكورال.
وعلّق نوردو على حفله في مهرجان قرطاج الدولي، خلال الندوة الصحفية التي تلت العرض مباشرة، بالقول إن هذا الصعود على ركح المسرح الروماني بقرطاج لا يعني أن حلمه قد تحقق، « بل يظلّ الحلم مستمرّا لاعتلاء هذا الركح ومصافحة الجمهور بأغانٍ أكثر نجاحا ».
وقال أيضا إنه توقّع حضورا جماهيريا كبيرا للعرض لكن ليس إلى حدّ امتلاء جميع المقاعد واكتظاظ المدرّجات على آخرها.
ونفى نوردو في ختام الندوة الصحفية أيّ صلة لمهرجان قرطاج الدولي بالعطب الفني الذي طرأ على الصوت وجهاز المايكرفون خلال العرض، موضّحا أن مسؤولية العطب محمولة على عاتق الفريق التقني المرافق له.
وكانت تجربة المغني نوردو انطلقت سنة 2006 مع المجموعة التي حمل اسمها لاحقا. ورغم حلّ المجموعة ظل نوردو متمسكا بأحلامه الفنيّة. وفي سنة 2010 أدّى مع بلطي أغنية « زوفري » التي تعرضت ألى القرصنة، ورغم ذلك واصل مشواره فتعددت تجاربه وتنوعت. وكانت 2020 سنة فارقة في مسيرته، حيث حقّق نجاحا باهرا على الساحة الفنية بفضل أغنيته « يا دنيا » التي حصدت أكثر من 105 مليون مشاهدة و »عربوش » التي شاهدها 187 مليون شخصا على يوتيوب.
أحمد سعد يحقّق “يومه الحلو” على ركح مسرح قرطاج الأثري قرطاج
« إيه اليوم الحلو ده ؟ » يبدو أن يوم السبت 22 جويلية كان يوما أكثر من « حلو » في حياة ومسيرة الفنان المصري أحمد سعد، كيف لا وهو الذي اعترف بمجرّد صعوده على ركح قرطاج العظيم بتاريخه وبثقل الأسماء العربية والغربية التي اعتلته أنّ الغناء ضمن برمجة مهرجانه كان حلما انتظر سنوات ليراه واقعا مجسدا في سهرة اكتملت بها كل عناصر الجمال والدهشة، تلك الدهشة التي تملّكت أحمد سعد إلى حدّ البكاء وهو يرى جمهورا حضر بالآلاف سبقه في كلّ جملة موسيقية وكل مقطع من أغانيه.
ولأنه كان واقعا تحت تأثير ما حدث في حفله بمدينة بنزرت والجدل الكبير الذي أُثير بعده عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي فكانت رغبته ملحّة في كتابة صفحة جديدة مع تونس وجمهورها تبدأ من هذا المساء القرطاجني الجميل، فكان الاعتذار من المرأة التونسية في قائمة أولوياته وقدّمه بأسلوب فنّي راق: « أنا لو سألت عن الجمال قالولي هي، هي الأصل والاحترام والشهامة… سألت عن اسمها؟ قالولي تونسية ». اعتذار أنيق ليس لأنه تطاول على المرأة التونسية بل لأنه ظٌلم بتأويل خاطئ
نزل أحمد سعد على الدرج إلى ركح قرطاج الذي تصدّرت خلفيته شاشة عملاقة تعرض مقتطفات من أنجح كليباته على إيقاع أغنيته « سكوت… سكوت » متفاجئا بهذا الجمهور الغفير الذي استقبله بأنوار هواتفه راسما لوحة غاية في الانسجام « الحفل ليس لمن غنّى فيه بل لمن حظر بهذا الجمال وهذا المستوى… » مرة أخرى وبأسلوب مغاير يعرب ابن النيل عن سعاته بهذا الجمهور وقدرته على الغناء بصوت واحد وإيقاع مٌعدّل كما لو أنه كورال مصاحب لفرقته ذات العشرة عازفين، فرحة لا توصف وانفعالات لم يسبق له أن عاش مثلها سطّرت نقطة مضيئة في مسيرة أحمد سعد الذي اعترف أنه كان يتابع أخبار عروض فنيّة أقامها زملاؤه بمهرجان قرطاج منتظرا دوره ليتحقق الحلم وتكتمل سعادته.
« كل يوم بيفوت ويمشي » و »قادر أكمّل » و »يا عرّاف » و »وسّع وسّع » وأغنيات أخرى انتقاها من ألبوماته المختلفة أداها أحمد سعد مع جمهور سبقه إليها كلمة بكلمة ونغمة بنغمة ونفسا بنفس مما جعله يعتبر هذا الحفل تجربة فنيّة وإنسانية تركت في داخله أحلى الانطباعات « وكأن الجمهور يساندني بعد سوء التفاهم الذي حصل إثر حفل مدينة بنزرت ».
إلى جانب أغانيه الخاصة غنّى أحمد سعد لجمهور قرطاج « أكذب عليك » لوردة الجزائرية و »بحلم بلقاك » لذكرى محمد ومقطع من « ودارت الأيام » لأم كلثوم يرافقه نفس الكورال (الجمهور) الذي أدهشه على امتداد الحفل، تلك الدهشة التي تواصلت بعد السهرة وعبّر عنها خلال اللقاء الذي جمعه بممثلي وسائل الإعلام الوطنية والعربية « لأول مرة أواجه جمهورا يحفظ الأغاني أكثر من الفنان » وأضاف أن الأرقام شيء مهم في حياته والرقم الذي أضافه اليوم مهمّ جدا في مسيرته.
وفي سؤال وٌجّه له عن عدم غناءه بعامية تونسية أجاب أحمد سعد أن قامات فنيّة تونسية موجودة بالمشهد الدرامي والسينمائي المصري يتكلمون اللهجة المصرية بطلاقة، ولأنه يتجنّب الخطأ في النطق ويحرص على أن يكون ما يقدمه صحيحا وعد بأن يفعل ما بوسعه ليتقن العامية التونسية ويقدّم هدية خاصة لهذا الجمهور في مشروع قادم « أكون سعيدا لو غنيت بالتونسي » أمّا عن أغنية « باحلم بلقاك » للراحلة ذكرى فقد ذكر أنه قدمها من باب الحب الكبير لصوتها وكتحية لفنّها وعندما ردّدها معه الجمهور أحسّ أن روحها تحلّق فوق سماء قرطاج سعيدة « بنا ».
أكثر من مرة أكّد أحمد سعد أنه لم يسئ للمرأة التونسية وأن التحية التي قدّمها لها في بداية الحفل لم يقصد بها ردّ الاعتبار فهي امرأة مميزة وكرامتها من الثوابت التي لا يجب الاقتراب منها، بل كانت التحيّة لرفع الالتباس وتجاوز سوء الفهم الذي حصل منذ أسابيع.
برنامج الدورة 57 لمهرجان قرطاج الدولي.. نجوم عرب وعالميّين في الموعد
تنتظم الدورة 57 لمهرجان قرطاج الدولي من 14 جويلية إلى غاية 19 أوت 2023 وفق ما تمّ الإعلان عنه في الصفحة الرسمية للمهرجان على موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”
وستكون البرمجة كالآتي:

الدورة 57 لمهرجان قرطاج الدولي.. عرض “المحفل” في الافتتاح و”محمد حماقي” في الاختتام
عقدت الهيئة المديرة لمهرجان قرطاج الدولي ندوة صحفية للكشف عن تفاصيل الدورة 57 للدورة التي ستدور فعالياتها من 14 جويلية الى غاية 19 اوت 2023 وذلك يوم الخميس 06 جويلية 2023 بمتحف قرطاج.
بحضور عدد كبير من الصحفيين والفنانين وشركاء المهرجان انطلقت الندوة الصحفية التي أدارها الإعلامي مالك العوني بحضور هند المقراني المديرة العامة للمؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية التي اكدّت في كلمتها على التجديد في هذه الدورة الذي سيكون من خلال الحلّة الجديدة التي ستكسو مسرح قرطاج من ديكور واضاءة .
وفي اطار دعم اللامركزية الثقافية قالت المقراني ان هذه الدورة ستواصل في البرنامج الوطني “شباب الجهات في مهرجاني قرطاج والحمامات ” ايمانا بحق شباب الجهات في مواكبة التظاهرات الثقافية والفنية الكبرى كما سينزل المهرجان لأول مرة ضيفا على مهرجان القصرين الدولي من خلال برمجة عروض عربية وعالمية في القصرين.
وفي ختام كلمتها وجهّت المديرة العامة للمؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات و التظاهرات الثقافية والفنية جزيل الشكر لكل الداعمين، المستشهرين و الشركاء الإعلاميين للمهرجان قبل ان تفسح المجال للسيد كمال الفرجاني مدير الدورة 57 لمهرجان قرطاج الدولي .
وفي مداخلته قدّم كمال الفرجاني بعض الاحصائيات الخاصّة بالدورة الفارطة التي كانت حسب الأهداف المرسومة حيث نجحت المداخيل المرصودة من مداخيل التذاكر والداعمين و الشركاء في تغطية اغلب عقود الفنانين مشيرا الى ان العجز المالي كان ضعيفا جدا مقارنة بالسنوات السابقة.
بعد 50 عاما من المواجهة الأولى… المنتخب التونسي يواجه نظيره البرازيلي استعدادا للمونديال
أعلن الاتحاد التونسي لكرة القدم عن مواجهة مرتقبة للمنتخب التونسي ضد منتخب البرازيل ضمن استعدادات المنتخبين لنهائيات كأس العالم قطر .2022
وسيواجه نسور قرطاج، الذين تأهلوا للمرة السادسة إلى نهائيات كأس العالم، منتخب البرازيل، المتوج بكأس العالم خمس مرات، يوم 27 أيلول/سبتمبر على ملعب أوروبي سيحدد في وقت لاحق.
وجاءت الدعوة لإجراء المباراة من قبل الاتحاد البرازيلي.
وهذه ثاني مواجهة بين المنتخبين حيث دارت الأولى على استاد المنزه عام 1973 بتونس ضمن استعدادات البرازيل لنهائيات كأس العالم 1974 بألمانيا الغربية حيث ضمت مجموعتها آنذاك منتخب زائير (الكونغو الديمقراطية حاليا).
وفازت البرازيل في المواجهة الودية الأولى ضد تونس بقيادة نجمها ريفيلينو 4 / .1
وتواجه البرازيل في منافسات الدور الأول لكأس العالم بقطر 2022، منتخب الكاميرون في المجموعة السابعة والتي تضم أيضا منتخبي صربيا وسويسرا.
وتلعب تونس في المجموعة الرابعة إلى جانب بطل العالم منتخب فرنسا ومنتخبي الدنمارك وأستراليا.
وتأمل تونس، التي حققت أول فوز للعرب ولأفريقيا في تاريخ المونديال عام 1978 في الأرجنتين (ضد المكسيك 3 / 1)، أن تتخطى الدور الأول للمرة الأولى في تاريخ مشاركاتها بكأس العالم.











































