محمد مهدي جراي: خبير محاسب
إذا طرحنا موضوع الصفقات العمومية، يجب أن نتحدث عن مبادئ منظومة الصفقات العمومية، المتمثلة أساسا في: المنافسة و حرية المشاركة في الطلب العمومي و المساواة أمام الطلب العمومي و شفافية الإجراءات و نزاهتها.
تعتبر الصفقات العمومية مهمة جدا بالنسبة للشركات الصغرى و المتوسطة، ذلك أنها تمثل فرصة عمل، و هذا يعطي لمثل هذه الشركات رؤية أكثر وضوحا، قد تمكنهم زيادة على العمل داخل الدولة و معها، على الإتجاه نحو الأسواق الخارجية، و هذا من شأنه أن يشجع أكثر على الإبتكار، خاصة و أن هذه المؤسسات لها قدرة عالية على الإبداع و الإبتكار. كما يجب على الدولة أن تأخذ بعين الإعتبار في سياستها هذه الشركات الصغرى و المتوسطة، حيث أننا دائما ما نجد هذه الشركات في الصف الأول في السياسات و الصفقات العمومية، و قد أخذ المشرع التونسي هذا الأمر بعين الإعتبار، إذ وقع تخصيص 20% للمؤسسات الصغرى، كما تم تقسيط الصفقات.. لكن تبقى هناك العديد من المشاكل، فبالنسبة لمسألة ال20% لا نعلم ما إن كان هذا هدفا نسعى للوصول إليه، أم أنه حد لا يجب أن نتجاوزه! و نحن إلى يومنا هذا و منذ سنة 2014 لم نصل إلى هذا الحد.
تعاني الشركات الصغرى و المتوسطة أيضا، من مشكل التعريف الموحد، ذلك أن كل مجال و كل قطاع يتولى مهمة التعريف بمفرده… و إذا كانت هذه المؤسسات غير معرفة فكيف سنتوجه إليها؟
نسبة ال20% لن تكون موحدة بالنسبة لجميع القطاعات، ذلك أن كل قطاع له نوعية خاصة من المتدخلين فيه. كما أن هناك العديد من المشاكل في التقسيم تتعلق بتعدد العقود و كثرتها، لذلك يجب أن تتم توعية و تحفيز الموظفين العموميين.
الأعباء الإدارية الثقيلة سبب في العزوف عن المشاركة في الصفقات العمومية
السبب الرئيسي في عزوف المؤسسات عن المشاركة في الصفقات العمومية هو العبئ الإداري الثقيل، الذي يستوجب إعداد العديد و العديد من الوثائق، و هذه الإجراءات تعتبر مرهقة جدا. زد على ذلك مشكل الشفافية، شفافية النتائج المفصلة التي يصعب كثيرا النفاذ إليها، و هذا من شأنه أن يعطل شرط الشفافية و ينسفه.
لدينا أيضا مسألة طلب العروض في مراقبة الحسابات للمؤسسات و المنشآت العمومية الذي يخضع لكراس شروط متكون من 41 صفحة، و الوثائق الإدارية المطلوبة تتجاوز ال15 وثيقة، زد على ذلك التصاريح على الشرف و التعريف بالإمضاء، و النسخ المطابقة للأصل و غيرها… و ما يقلق أكثر من هذا هو وجود 7.5 من النقاط في المعايير الموجودة تسند للخبراء المحاسبين، الذين يملكون خبرة في التدقيق في القطاع العمومي، و بالتالي يحرم كل من ليست له خبرة في القطاع العمومي من هذه النقاط، و بالتالي يتحول الحرمان من هذه النقاط إلى إقصاء.
الخبراء المحاسبين العاملين بالقطاع الخاص يحرمهم كراس الشروط الحالي من سبعة نقاط و نصف، و ذلك بسبب عدم مزاولة الخبير المحاسب لعمله بالبنوك العمومية. زد على ذلك الملحق عدد 9 الذي يلزم الخبير المحاسب بالعمل في مكتب خبير محاسب ثان، و كذلك العمل على مهمات في القطاع العام كامل المدة النيابية، و بالتالي فإن هذا الملحق يطرح حرجا كبيرا. و هذه المعايير بالنسبة لي تعتبر إقصائية.
الرجاء إعادة النظر في كراس الشروط، و الملحق عدد 9 الخاص بمراقبي الحسابات في المؤسسات العمومية.