جودة الخدمات و الإقتصاد القوي دافعان أساسيان للتقدم و التطور

سالم نابغة رئيس جامعة النقل UTICA:

لا يمكن لتونس أن تتقدم دون وجود دافع اقتصادي قوي، خاصة و أن تقييم الدول لتونس قائم أساسا على ما تقدمه من جودة في العمل. في السابق كانت كلفة النقل منخفضة و هذا الأمر كان جيدا جدا، و لكن اليوم ارتفعت كلفته بنسق متسارع جدا، من ما تسبب في القضاء على المنافسة. كانت مواعيد تسليمنا للبضائع دقيقة جدا، و لكن للأسف فقدنا اليوم كل هذه الميزات، و ذلك بسبب توقف كل برامج التسهيلات، التي كانت مشتركة بين الدولة و القطاع الخاص، إذ توقفت الرقمنة و غيرها من المشاريع الأخرى… هذا الأمر يطرح أمامنا المشكلة الكبيرة التي نواجهها في اتخاذ القرار، ذلك أن الإدارة مكبلة بجملة من القوانين التي لا تسمح لها باتخاذ القرارات اللازمة من أجل التقدم، و مثال ذلك المنطقة اللوجستية المجانبة لميناء رادس، و التي يمكن أن تكون حلا للعديد من مشاكل الميناء، و لكن هذه الفكرة ظلّت مجرد فكرة لما يقارب الإثنتا عشرة سنة.

الموانئ الداخلية داعم رئيسي للإقتصاد التونسي

تقوم الموانئ الداخلية اليوم بدور المنقذ للإقتصاد التونسي، أما عن ميناء رادس فقد كان في سنة 2010 يعمل على 430 ألف حاوية، أما الآن فقد انخفض هذا العدد تقريبا إلى النصف، و تحولت تلك الحاويات إلى الموانئ الداخلية كميناء صفاقس و سوسة و قابس و بنزرت.. و المعلوم أن هذه الموانئ تفتقر للمعدات الجيدة و مع ذلك هي تعمل بجد محققة ما يقارب السبعة عشرة حاوية في الساعة. و نحن لم نطلب شيئا من الشركة التونسية للشحن و الترصيف، سوى أن تعود إلى سابق إنتاجها سنة 2010 و ما قبلها.. المشكل الأساسي اليوم يتمثل في إدارة الموارد البشرية و إدارة تنظيم الشركة التونسية للشحن و الترصيف، فلماذا لا نقوم بإدخال مشغل جديد!؟

يمكن للرصيفين 8 و 9 أن يكونا جامعين للعديد من المشغلين، سواء من القطاع العام الممثل في شركة الشحن و الترصيف، أو من القطاع الخاص و كل من يريد أن يكون له نصيب و مشاركة في هذا المشروع.

يجب عدم إضاعة مزيد من الوقت في الدراسات و المرور إلى التنفيذ الفعلي للمشاريع

تم صرف ما يقارب 1200 مليار على ميناء رادس منذ سنة 2018. و قد تم إنفاق هذا المبلغ على الدراسات دون غير. و لا نزال إلى يومنا هذا نقوم بمثل هذه الدراسات!!! مع العلم أن لدينا كفاءات تونسية من القطاع الخاص تعمل في مجال النقل، فلو تم تكليفهم ببناء الرصيفين 8 و 9 لما تجاوزت مدة الدراسات و الأشغال معا السنة الواحدة. عملية الدراسات و التشخيص تستغرق وقتا طويلا جدا، و هذا بسبب ضعف اتخاذ القرارات. لذلك يجب ضرورة تركيز إستراتيجية تجمع الجميع على طاولة عمل واحدة، من أجل ضمان تطور العمل في أقصر الآجال، يجب أن تكون لدينا رؤية مستقبلية واضحة، و إنجاز حقيقي و فعلي للمشاريع.

نجاح الإقتصاد التونسي مرتبط بمجال النقل، فبدون كفاءة لوجستية لن تكون هناك استثمارات و لا مشاريع كبرى، ذلك أن كل المستثمرين يواجهون العديد من المشاكل مع القدرة التنافسية في الأسواق التي ينشطون بها، و بذلك يكون ارتفاع أسعار النقل معطلا للتجارة و استقطاب المشاريع الكبرى.

Read Previous

ميناء رادس.. نحو تطوير البنية الأساسية

Read Next

: أهم مشاكل ميناء رادس

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Most Popular

جودة الخدمات و الإقتصاد القوي دافعان أساسيان للتقدم و التطور

سالم نابغة رئيس جامعة النقل UTICA:

لا يمكن لتونس أن تتقدم دون وجود دافع اقتصادي قوي، خاصة و أن تقييم الدول لتونس قائم أساسا على ما تقدمه من جودة في العمل. في السابق كانت كلفة النقل منخفضة و هذا الأمر كان جيدا جدا، و لكن اليوم ارتفعت كلفته بنسق متسارع جدا، من ما تسبب في القضاء على المنافسة. كانت مواعيد تسليمنا للبضائع دقيقة جدا، و لكن للأسف فقدنا اليوم كل هذه الميزات، و ذلك بسبب توقف كل برامج التسهيلات، التي كانت مشتركة بين الدولة و القطاع الخاص، إذ توقفت الرقمنة و غيرها من المشاريع الأخرى… هذا الأمر يطرح أمامنا المشكلة الكبيرة التي نواجهها في اتخاذ القرار، ذلك أن الإدارة مكبلة بجملة من القوانين التي لا تسمح لها باتخاذ القرارات اللازمة من أجل التقدم، و مثال ذلك المنطقة اللوجستية المجانبة لميناء رادس، و التي يمكن أن تكون حلا للعديد من مشاكل الميناء، و لكن هذه الفكرة ظلّت مجرد فكرة لما يقارب الإثنتا عشرة سنة.

الموانئ الداخلية داعم رئيسي للإقتصاد التونسي

تقوم الموانئ الداخلية اليوم بدور المنقذ للإقتصاد التونسي، أما عن ميناء رادس فقد كان في سنة 2010 يعمل على 430 ألف حاوية، أما الآن فقد انخفض هذا العدد تقريبا إلى النصف، و تحولت تلك الحاويات إلى الموانئ الداخلية كميناء صفاقس و سوسة و قابس و بنزرت.. و المعلوم أن هذه الموانئ تفتقر للمعدات الجيدة و مع ذلك هي تعمل بجد محققة ما يقارب السبعة عشرة حاوية في الساعة. و نحن لم نطلب شيئا من الشركة التونسية للشحن و الترصيف، سوى أن تعود إلى سابق إنتاجها سنة 2010 و ما قبلها.. المشكل الأساسي اليوم يتمثل في إدارة الموارد البشرية و إدارة تنظيم الشركة التونسية للشحن و الترصيف، فلماذا لا نقوم بإدخال مشغل جديد!؟

يمكن للرصيفين 8 و 9 أن يكونا جامعين للعديد من المشغلين، سواء من القطاع العام الممثل في شركة الشحن و الترصيف، أو من القطاع الخاص و كل من يريد أن يكون له نصيب و مشاركة في هذا المشروع.

يجب عدم إضاعة مزيد من الوقت في الدراسات و المرور إلى التنفيذ الفعلي للمشاريع

تم صرف ما يقارب 1200 مليار على ميناء رادس منذ سنة 2018. و قد تم إنفاق هذا المبلغ على الدراسات دون غير. و لا نزال إلى يومنا هذا نقوم بمثل هذه الدراسات!!! مع العلم أن لدينا كفاءات تونسية من القطاع الخاص تعمل في مجال النقل، فلو تم تكليفهم ببناء الرصيفين 8 و 9 لما تجاوزت مدة الدراسات و الأشغال معا السنة الواحدة. عملية الدراسات و التشخيص تستغرق وقتا طويلا جدا، و هذا بسبب ضعف اتخاذ القرارات. لذلك يجب ضرورة تركيز إستراتيجية تجمع الجميع على طاولة عمل واحدة، من أجل ضمان تطور العمل في أقصر الآجال، يجب أن تكون لدينا رؤية مستقبلية واضحة، و إنجاز حقيقي و فعلي للمشاريع.

نجاح الإقتصاد التونسي مرتبط بمجال النقل، فبدون كفاءة لوجستية لن تكون هناك استثمارات و لا مشاريع كبرى، ذلك أن كل المستثمرين يواجهون العديد من المشاكل مع القدرة التنافسية في الأسواق التي ينشطون بها، و بذلك يكون ارتفاع أسعار النقل معطلا للتجارة و استقطاب المشاريع الكبرى.

Read Previous

ميناء رادس.. نحو تطوير البنية الأساسية

Read Next

: أهم مشاكل ميناء رادس

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Most Popular

آخر الأخبار