سمير بشوال: ضرورة تركيز المنظومات الإقتصادية من جديد

منذ فترة 2011 دأبنا في تونس و للأسف الشديد على الخلط بين ما هو سياسي و ما هو اقتصادي، كما أن تصريحاتنا كانت دائما تقوم بتأويل فترة ما قبل 2011 بأنها حقبة زمنية سيئة جدا، في حين أن ما سبق تلك الفترة و خاصة في المجالات الإقتصادية كان جيدا، إذ شهدنا في ذلك الزمن العديد من الممارسات الممتازة ذات النتائج الطيبة، و في هذا السياق نذكر موضوع المنظومات الإقتصادية في بعض القطاعات الحساسة التي تهم تونس، مثل قطاع الفلاحة، الذي كان المنقذ و المخلص لهذا الوطن في السنوات الأخيرة، و هذا بفضل مادتي زيت الزيتون و التمور. و كان التنسيق يتم داخل هذه المنظومات على مستوى كافة المتعاملين الإقتصاديين و بشكل دوري. أما اليوم و للأسف الشديد أصبحنا أمام منتج يفوت في منتوجه فقط بأسعار التكلفة، و أحيانا يصل الأمر إلى حد أدنى من هذا بكثير.. و هذه الممارسة تجعل من كلفة الإنتاج غير مضبوطة. فلماذا لا يقوم السيد رئيس الحكومة مثلا في منظومة الألبان بجمع كل المتعاملين الإقتصاديين العاملين بهذا المجال، الذي يبدأ من تربية الأبقار، وصولا إلى إنتاج الحليب و مشتقاته، ثم ننتهي إلى عمليات توزيع هذه المنتوجات.

يجب على المنظومة الإقتصادية أن تكون تحت إشراف سياسي واضح، و على رئيس الحكومة أن يتدخل فيها بنفسه. فالمشكل الحقيقي كامن في تعاقب الحكومات، و تغيير القرارات دون النظر إلى ما هو سابق، و كل هذا بسبب غياب إستراتيجية واضحة، ذات نظرة مستقبلية، قادرة على إلزام الحكومات اللاحقة بضرورة تطبيق الإستراتيجية السابقة و إتمامها حتى النهاية.

باختصار ماضي تونس ليس كله سيئا، بل نجد فيه العديد من الأشياء الإيجابية. لذلك نحن مطالبون اليوم بتركيز منظومات اقتصادية واضحة، و ذات استراتيجية مستقبلية واعدة.

مراكز التفكير مكبلة و غير مستقلة

هناك العديد من الإشكاليات المرتبطة بمخابر البحث، و لكن هذا لا ينفي أن لمراكز التفكير العديد من الإيجابيات، خاصة من ناحية القطع النهائي مع الخطاب الشعبوي في السياسة، و عليه فخطاب هذه المراكز يتميز بعقلانيته. لكن في المقابل نجد أن مراكز التفكير قد ارتبطت تاريخيا بالأحزاب السياسية و لوبيات الضغط، من ما يجعلنا نشكك في مدى استقلالية مخابر البحث، خاصة و أن هناك أحزابا تعمد لإنشاء مركز للتفكير قصد توجيه السياسات العامة، و يتم اتخاذ هذه الخطوة قبل الإنتخابات أو بعد الفوز بها.

من جهة أخرى ترتبط مخابر البحث باللوبيات، و هنا تنتقل مراكز التفكير من خدمة المجتمع ككل إلى خدمة الذات الواحدة. ثم نتساءل عن مدى قدرة هذه المراكز على إيصال صوتها داخل تراب الجمهورية التونسية، خاصة و أنها تقدم

من ناحية نتائجا جيدة و بحوثا مهمة، و من ناحية أخرى يبدو أن صوتها غير مسموع، و ذلك بدليل تردي الواقع الإقتصادي التونسي الذي نعيشه اليوم.

الطبقة السياسية رافضة للرأي المخالف

الطبقة السياسية قائمة على الخطاب الشعبوي، و الخصومات التي نشاهدها يوميا من خلال أجهزة الإعلام خير دليل على ذلك… هذه الطبقة لا تعمل العقل، و لا يروق لها أن تصطدم بصوت أكاديمي رصين، حامل لحلول للسياسات العامة متأتية من أشخاص ذوي خبرات، و ذلك لأنه يخشى فقدان موقعه، و هذا ما يدفعه لتجنب كل الخطابات المخالفة له.

Read Previous

«محمّد الصّالح العيّاري: الخصــــوم مـــن المــــورد و التّسبقـــــــــات التّي تــــــمّ التّخفيـــــــض فيهــــــا إبتــــــــداء مــــــن غرّة جانــــــــفي 2021

Read Next

أيمن العابد : شرح أسعار التحويل

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Most Popular

آخر الأخبار