الأزمة الطاقية والتحول الطاقي.. الرهانات و التحديات بالنسبة لأفريقيا و أوروبا موضوع ندوة مجلس الأعمال الإفريقي التونسي

افتتحت وزيرة الصناعة والمعادن والطاقة “نائلة القنجي” ندوة حول وجهات نظر متقاطعة حول المستقبل: انتقال طاقي يربط بين أفريقيا وأوروبا من أجل تنمية مستدامة التي نظمها “مجلس الأعمال التونسي الإفريقي -TABC -بالشراكة مع Business «France ومركز التفكير الأوروبي “Institut Choiseul”.

وتم افتتاح الندوة بحضور كل من سفير فرنسا في تونس و سفيرة السنغال في تونس و الوزير السابق نضال الورفلي و وزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيد، و بمشاركة مجموعة هامة من الخبراء التونسيين والدوليين في اختصاص الطاقة.

وتم على هامش هذه الندوة، توقيع اتفاقية شراكة بين مجلس الأعمال التونسي الإفريقي والغرفة الفرنسية للتجارة والصناعة CI-TF -تهدف إلى تعزيز الجهود التي يبذلها شركاء مجلس الأعمال التونسي الإفريقي الدوليون، وتفتح مجالا جديدا للتعاون المتبادل وفرصا للتنمية، ودعما للشركات الفرنسية المنتصبة في تونس للتوجه إلى إفريقيا جنوب الصحراء.

من جهتها أكدت وزيرة الصناعة والمعادن والطاقة السيدة “نائلة القنجي” في كلمتها، أن موضوع التحول الطاقي هو موضوع طارئ لمجابهة التغيرات المناخية و الانتعاش من مخلفات الجائحة الصحية، موضحة أن الحكومة سارعت في  وضع استراتيجية للعمل على التحول الطاقي في أفق 2025 تهدف إلى  إرساء نموذج اقتصادي مستدام و محترم أكثر للبيئة يقوم على الاقتصاد الأخضر و الطاقات البديلة،

وتطرق المتدخلون في الندوة إلى الطاقة و التحول الطاقي في علاقة بالجغرا السياسية و الرهانات و التحديات المطروحة بالنسبة لأفريقيا وأوروبا مؤكدين على الدور الرئيسي للقارة الأفريقية كمزود للطاقة من أجل التنمية الصناعية خارج إفريقيا، وعلى ضرورة أن تصبح حليفا لأوروبا التي تبحث عن تأمين إمدادات الطاقة والتنمية الاقتصادية.

وبين رئيس مجلس الأعمال الإفريقي التونسي السيد “أنيس الجزيري” أن الهدف من الندوة هو البحث عن كيفية وضع تونس على الخارطة الطاقية المستقبلية، خاصة في ظل الأزمة الطاقية في أوروبا، مؤكدا أن أوروبا تولي تونس مكانة هامة نظرا لموقعها الاستراتيجي وسط شمال إفريقيا و كونها جارة لليبيا و الجزائر، مما يسمح لها أن تكون قاطرة للطريق الطاقية، مبينا أنه تم رصد هبة بقيمة 307 مليون أورو لتمويل الخط الضوئي بين تونس و إيطاليا، و استثمارات بقيمة 850 مليون أورو.

وأشار الجزيري أنه تم إحداث مكتب مجلس الأعمال التونسي الإفريقي بباريس بهدف تطوير شراكات ثلاثية الأبعاد بين أوروبا وتونس وإفريقيا لاستقطاب الاستثمارات الأوروبية نحو تونس، والعبور بها نحو إفريقيا جنوب الصحراء.

من جانبه أوضح منسق الندوة و الوزير السابق السيد “نضال الورفلي” أن الهدف من هذه الندوة هو إعداد تصورات لمشاريع جديدة بين أفريقيا و أوروبا وتونس وبعض البلدان الأوروبية في مجال الأزمة الطاقية، خاصة في ظل الأزمة الطاقية التي تعيشها أوروبا في ظل التحديات الجيوسياسية و انعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية على الإمدادات في مجال الغاز و النفط، وهو ما يتيح فرصة لتونس لتستفيد من هذه الأزمة من خلال المشاريع والتسريع في الانتقال الطاقي وفق نظرة وتصور جديد للعمل على إفريقيا كحل للأزمة الطاقية و الاقتصادية و تكون فيه تونس هي المبادرة، مثمنا في ذات السياق الاتفاقية بين مجلس الأعمال الإفريقي و الغرفة الفرنسية للتجارة و الصناعة.

فيما قال الرئيس السابق لمجلس الأعمال الإفريقي التونسي إن التطلعات اليوم تتجاوز أن تكون تونس مجرد وسيط، بل نتطلع إلى أن نكون منتجين للطاقة ولدينا استغلال طاقي رشيد.

وأوضح رئيس مجمع الطاقات البديلة بمنظمة كونكت السيد “عبد اللطيف حمودة” أن الحل الوحيد للهاجس الطاقي الأوروبي هو أفريقيا، و ذلك من خلال موقعها في علاقة بالبحر الأبيض المتوسط، وإمكانية استغلال البحر لإنشاء محطات شمسية، بالإضافة إلى اتساع الصحراء وضرورة استغلال الإفريقيين لتصدير الطاقة لأوروبا، واستغلال الاقتصاد الأخضر للنهوض بالاقتصاد خاصة لما يحققه من عائدات بالعملة الصعبة.

كما تطرق المتدخلون إلى أهمية التبادل الأكاديمي بين أفريقيا وأوروبا، خاصة فيما يتعلق بالبحوث حول التحول الطاقي مثمنين البحوث التونسية بالأساس وضرورة العمل على تطبيقها.

في سياق متصل تحدث رئيس الغرفة النقابيّة الوطنية لتركيب وصيانة المعدات الفوطوضوئية “علي الكنزاري” عن ضرورة تحقيق تونس لإستقلالها الطاقي، خاصة لما تمتاز به من ثروة على مستوى الطاقة المتجددة و البحوث وتطبيق المشاريع التي لم تدخل حيز التنفيذ، معتبرا أن ما ينقص تونس هو القرار السياسي رغم وجود الإرادة السياسية، إلا أن القرار السياسي بطيء في حين أن الأمر عاجل و يتطلب السرعة.

كما اعتبرت المديرة العامة لمرصد البحر الأبيض المتوسط للطاقة السيدة “هدى بن جنات” أن تونس تحتاج اليوم لإرادة سياسية صلبة، و رؤية واضحة و استقرار من أجل التحول الطاقي الذي يتطلب الكثير من الإستثمارات، ولا أحد بإمكانه وحده الإستثمار في التحول الطاقي حتى الدول الغنية، و بالتالي فهو يتطلب شراكة و تعاونا بين العام و الخاص، ووضع إطار تنظيمي و مؤسساتي مدعوم بإرادة سياسية و إستقرار لجلب الإستثمارات مشيرة أن تونس تمتاز بخاصية أنها تعرف أنها دولة منتجة و مستهلكة للطاقة على مستوى دول البحر الابيض المتوسط.

كما تطرقت بن جنات في مداخلتها لواقع الاستثمار في مجال الطاقة في تونس وما يجب فعله بعلاقة بالتحول الطاقي.

أما الجلسة الثانية من الندوة تم التطرق فيها إلى تمويل التحول الطاقي حيث أكد المتدخلون على أهمية دور القطاع الخاص، ودور الشراكة بين القطاعين العام والخاص في إطار رؤية استراتيجية تقوم بها الدولة لتوضيح ومحاولة إحراز تقدم في عدد معين من المشاريع.

وفي ختام الندوة أكد مجلس الأعمال التونسي الإفريقي أن التمشي نحو التحول الطاقي يجب أن يستجيب للتحديات الجيو-مناخية، ولكن أيضًا التحديات الاقتصادية والاجتماعية، كما أكدوا على ضرورة العمل على تعزيز الطاقات المتجددة، وتطوير وتعزيز ناقلات الطاقة الأخرى مثل الهيدروجين.

من جهته أشرف وزير الاقتصاد والتنمية السيد “سمير سعيد” على اختتام الندوة و أكد على أن كل المكونات متوفرة لنجاح تونس في الانتقال الطاقي، مذكرا أن الحكومة رفعت طموحاتها للانتقال من 30٪ إلى 35٪بحلول سنة 2035 و ب 25٪ بحلول سنة 2025.

وأضاف في ذات السياق: “لقد شجعتنا عدة عوامل، العامل الأول هو، أولاً وقبل كل شيء، تموضع تونس وحقيقة أن لدينا أداءً جيداً للغاية في تونس حيث الطاقة الشمسية أرخص بثلاث إلى أربع مرات من مياه الغاز التي نوفرها، و العامل الثاني المثير للاهتمام والمشجع للغاية هو ELMED فهي صفقة تنعش الموقف قليلاً وتدفعنا لزيادة طموحنا أكثر  ليس فقط لضمان حصة أكبر من الاستهلاك الداخلي للشمس لتخفيف فاتورة الطاقة قليلاً، ولكن قبل كل شيء نأمل أن نصدر المزيد إلى أوروبا لأننا نعرف الحاجة الهائلة لأوروبا التي هي الآن قابلة للتجديد ولتنويع الموارد”.

هذا وتجدر الإشارة إلى أن هذه الندوة ستتبعها ندوة أخرى في باريس في منتصف مارس المقبل لتعميق التفكير والتحضير لتظاهرة كبيرة في مجال الطاقة على هامش النسخة السادسة لمنتدى تمويل الاستثمار والتجارة في إفريقيا وذلك يوم 5 ماي 2023 في تونس.

Read Previous

تعزيزا للتعاون الأكاديمي.. يوم دراسي بين IHET و المدرسة العليا الدولية لتكوين الخبراء بالجزائر

Read Next

تونس مهد الحضارات و منارة العلم و المعرفة

Most Popular

آخر الأخبار