لطالما زَخِرت تونس بالكفاءات الفذّة و الأدمغة المميزة، و إن كُنّا دولة ضعيفة على مستوى الإستثمار و امتلاك الثروات البترولية و المعدنية، فإننا حضارة تملك رأس مال بشري لا مثيل له في جميع أنحاء المعمورة.
قد لا تعكس تونس صورة ذلك البلد المتطور و المتحضر القادر على منافسة و مزاحمة الدول العظمى، و لكنها بدون شك لا تخلو من الأدمغة الذكية و الخلاّقة، و التونسي يأخذ معه تميزه أينما ذهب و حَلّ و ارتحل، و تشهد دول العالم قاطبة على أن تونس دولة ولاّدة للذكاء و الأذكياء.
اخترنا في هذا المقال أن نسلط الضوء على التميز التونسي خارج أرض الوطن، هذا التميز الذي بصم عليه التونسي خارج التراب المحلي، و اعترف به الأجنبي في كل زمان و مكان.
1- المهندسة التونسية « أمل مخلوف » تتوّج بجائزة المعهد العالمي لعلوم الفضاء في هولندا
تُوّجت المهندسة والدكتورة التونسية عضو نقابة المهندسين « أمل مخلوف » بجائزة المعهد العالمي الشهير لعلوم الفضاء (Twente) في هولندا، لتكون أوّل امرأة عربية و أفريقية وثاني امرأة في العالم تنال هذا التتويج.
وتجدر الاشارة إلى أن « أمل مخلوف » أنجزت العديد من الدراسات والأبحاث العلمية في جامعة المكسيك الحرة كجزء من أطروحتها للدكتوراه.
لا تقتصر خبرات « أمل مخلوف » على ميدان الفضاء، و إنما تتجاوزه لمجالات أخرى كالبيئة والنمو الأخضر والقطاعات ذات الصلة…
عدا هذا تزخر مسيرة مخلوف بخبرات عملية متنوعة جدا مكنتها من اكتساب مهارات و خبرات شخصية جامعة، إذ لم تقتصر في رحلتها الحياتية على مجال يتيم، و إنما كان لها أن تنوع في مجالات نشاطها، فهي تملك خبرة تزيد عن 15 عامًا في العمل مع العديد من المنظمات الدولية على غرار (الأمم المتحدة / البنك الإسلامي للتنمية / البنك الدولي / الاتحاد الأوروبي / والمنظمة الدولية للتوحيد القياسي / المعهد الدولي للتنمية الدولية). هذا بالإضافة إلى أنها كانت تشغل منصب مديرة ومنسقة ومقيّمة للاستراتيجيات والبرامج ذات الصلة بمجالات الخبرة والتعددية الثقافية عبر القارات الأربع.
2- المهندس التونسي نبراس اللموشي يتألق عالميا في مجال البرمجة
التألق التونسي في السماء الغربية يكاد يكون قسمة متوازنة بين رجالنا و نسائنا، فكما أن لدينا مهندسات شهيرات على المستوى العالمي، فإن لدينا أيضا مهندسين رجالا تمكنوا هم أيضا من ملامسة الشهرة العالمية، و في هذا السياق نتحدث عن « نبراس اللموشي » و هو مهندس تونسي يعمل بشركة مايكروسوفت ومدير مشروع في مؤسسة « OWSAP ».
تلقى تكويناً أكاديميا تونسيا في المعهد الأعلى للتصرف بتونس.
حاصل على شهادة الماجستير في السلامة المعلوماتية.
هو أحد الخبرات التونسية في مجال البرمجة وتحديدا في لغة Java.
توج سنة 2019 بجائزة « Oracle Groundbreaker » الأمريكيّة للمطورين في نسختها الثانية.
نبراس ليس مهندسا فقط، و إنما امتدت مهاراته لعالم التأليف و الكتابة إذ يملك في جعبته كتابا بعنوان « Pro Java Microservices with Quarkus and Kubernetes » و سيتم نشر هذا المؤلّف عن طريق دار النشر الأمريكية « Apress ».
3- لينا بن نصيب عالمة تونسية تنطلق نحو العالمية
من قال أن العرب أصبحوا عاقرين عن إنجاب العلم و العلماء فإنما عقله هو العاقر و المتبلد.
شهد يوم الخميس 26 جانفي 2023 انتظام حفل تسليم جائزة فالي لعلوم فيزياء الفضاء بالولايات المتحدة الأمريكية.
و كانت هذه الجائزة الثمينة من نصيب العالمة الشابة التونسية « لينا نصيب » التي لم تتجاوز ال32 من عمرها، و هو ما يُمَنّي نفس كل تونسي بأن يكون شاهدا على نجاحات و انجازات جديدة لهذه العالمة.
لينا نصيب متحصلة على الباكالوريا من المعهد النموذجي بنابل.
كما تحصلت على منحة للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية، أين اختصت في علوم الفيزياء.
هي حاملة للدكتوراه، كما أنها أستاذة جامعية بمعهد ماساشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة.
استعملت لينا بن نصيب الذكاء الاصطناعي وتليسكوب « غايا » لغرض البحث في دور المادة المظلمة أو المادة المعتمة أو المادة السوداء في تحرك النجوم والكواكب في مجرة التبان.
4- نور الدين روافي ينال أعلى و أهم وسام في الناسا
إن كانت العلوم الفضائية و اقتحام هذا العالم الفوقي صنيعة غربية بامتياز، فإن تونس كان لها فضل كبير في صناعة عناصر بشرية تميزت و تألقت في مجال العلوم الفضائية، و حتى هذا المبدأ القاتم تغير مؤخرا عن طريق دخول بلادنا في مجال الفضاء بتصنيع جامعاتنا المرموقة للأقمار الصناعية، و ارسالها للفضاء لتحوم قرب أقمار الغرب و تزاحمهم.
تمكن الدكتور التونسي « نور الدين الروافي » أصيل معتمدية فوسانة بولاية القصرين من تتويج مسيرته العلمية بالحصول على أعلى وسام من الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء « ناسا »، وذلك من خلال إحرازه على الميدالية الفضية وهي أعلى وسام تقدمه وكالة الفضاء « ناسا ».
و درس الروافي العلوم الأساسية في الفيزياء بتونس واجتاز الدكتوراه بفرنسا، وعمل في ألمانيا ثم تحول للعمل في أمريكا.
تحصل على الميدالية الفضية من وكالة الفضاء ناسا بعد إشرافه العلمي على فريق عمل تمكن من اكتشاف 4 ظواهر جديدة خاصة بالشمس.
وحول انجازه العلمي يقول الروافي أن الظواهر التي تم العمل عليها تتعلق بالطاقة الشمسية وتأثيراتها السلبية على الأقمار الصناعية لشبكات الاتصال تحديد الأماكن وبالرياح الشمسية والغلاف الجوي الخارجي للشمس الذي يظهر خلال الخسوف ببعث قمر اصطناعي يدور حول أحد النجوم الذي يشتغل عليه العلماء والخبراء منذ مدة تزيد عن 60 سنة إلى أن تمكن فريقه من اكتشافها.
5- شيراز الناصر تتألق في عالم الأعمال و تلامس الكمال
من قال أن ريادة الأعمال مجال لا يبرع فيه سوى الرجال! فالمرأة أيضا أصبحت سيدة أعمال تزاحم الرجال في عُقرِ دارهم، فلطالما كان مجال الأعمال منطقة مُحَرّمَة على النساء، إلى أن تغيرت الأحوال و تطور العصر لتصبح المرأة جزء لا يتجزأ من عالم الأعمال، و لكم يطيب لنا في هذا السياق أن نتحدث عن الدكتورة « شيراز الناصر » التي تمكنت من الحصول على الجائزة العالمية الكبرى « Materials Performance » بفضل ابتكارها لمنظومة ذكية لمراقبة التآكل و الصدئ في المنشئات الصناعية والبترولية.
و هذه الجائزة ليست الأولى لشيراز بل فازت أيضا سنة 2021 و سنة 2018 بجائزة أحسن امرأة أعمال في إنجلترا.
6- موناكو تمنح ندى الرداوي جائزة مونتي كارلو لامرأة العام 2022
نواصل إذن في تألق المرأة التونسية على الصعيد العالمي، حيث تُوّجت الدّكتورة والباحثة التّونسية « ندى الرداوي » بجائزة « مونتي كارلو لامرأة العام 2022 » و ذلك بعد أن نجحت الرداوي في تطوير طريقة جديدة لاكتشاف سرطان الدم في مرحلة مبكرة.
و تنشط ندى ضمن مشروع بجامعة ميونخ الألمانية، و هي التي سافرت شابة صغيرة إلى ألمانيا لمواصلة تعليمها.
تمحور موضوع بحث الدكتوراه لندى الرداوي حول كيفية تشخيص مرض « سرطان الدم ».
و هو ما مكنها من ابتكار طريقة تمكن من تقليص وقت العلاج، و الجزم بشفاء المريض من عدمه.
7- خالد لطيف ضمن قائمة أفضل 30 باحثًا مؤثرًا في مجال الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء
منذ عُقُودٍ خَلَت.. انطفأ نجم الإبتكار و الإختراع في سماء العرب، و لكن تظل تونس مهدا للعقول البرّاقة و المهارات العلمية الفذّة، فالإبتكار في هذه الأرض الخِصبة لا يَنضَبُ و لا يَجِفّ، و إنّمَا يَذبُلُ بُرهة ثم يُزهِرُ مِن جَدِيد فَيَتَمَخّضُ عن ابتكارات و اختراعات و أفكار لا حُدُودَ و لا حَصرَ لَهَا.
تمكّن التونسي « خالد لطيف » من التواجد في قائمة أفضل 30 باحثًا مؤثرًا في مجال الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء.
يُذكر أنّ خالد لطيف أستاذ في الهندسة بجامعة هونغ كونغ للعلوم والتكنولوجيا.
وهو عالم رائد معترف به دوليًا في مجال الاتصالات والشبكات اللاسلكية.
يحوز على أكثر من 600 مقالة علمية منشورة.
كما أنه ألقى عدة محاضرات في جميع أنحاء العالم.
يمتلك 15 براءة اختراع منها 11 اختراعًا أمريكيًا.
إن هذا الزخم على مستوى الذكاء و الإنجازات يعكس صورة جد إيجابية لتونس، صورة افتقدها أبناء هذا الشعب الذي زج به في غياهب النسيان و الصراعات و المصالح الشخصية الضيقة.
من أجل أن نرتقي و نتسلق سلم الحضارة و التطور لا بد أن نولي هذه النجاحات العالمية حقها كما ينبغي، فمن خلال هذه النجاحات سنؤكد للعالم أجمع بأننا دولة لا تطلق عليها صفة الصغر سوى ترابيا، لأن انجازاتنا ترتقي لتزاحم أعظم بلدان بلدان الكرة الأرضية قاطبة.
إنّ هذا الزّخَم على مستوى الذّكاء و الإنجازات يَعكِسُ صُورَةً جِدّ إيجَابِيّة لِتُونِس، صورة افتقدها أبناء هذا الشّعب الذي زُجَّ به في غَيَاهِبِ النّسيَان و الصّراعات و المَصَالِح الشّخصية الضَيّقة.
من أجل أن نرتقي و نتسلق سُلّمَ الحضارة و التّطور لا بد أن نُولِيَ هذه النّجاحات العالمية حقّها كما ينبغي، فَمِن خلال هذه النجاحات سنُؤَكّد للعالم أجمع بأننا دولة لا تُطلَقُ عليها صفة الصّغَر سِوَى تُرَابِيّا، لأنّ انجازاتنا ترتقي لتُزاحِم أعظم بُلدَان الكُرة الأرضيّة قَاطِبَةً.
بلال بوعلي