على الرغم من الجهود العسكرية المكثفة التي بذلتها إسرائيل خلال حربها الأخيرة على قطاع غزة، يبدو أنها لم تحقق أهدافها المعلنة والخفية. في هذه الحرب التي اتسمت بالعنف والتصعيد،
أعلنت إسرائيل عن عدة أهداف رئيسية، لكنها واجهت صعوبات كبيرة في تحقيقها، مما يعكس تعقيدات الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي واستمرارية المقاومة الفلسطينية.
الأهداف المعلنة تحرير أسرى عملية 7 أكتوبر: كان أحد الأهداف الرئيسية التي أعلنتها إسرائيل هو تحرير الأسرى الذين تم أسرهم خلال عملية 7 أكتوبر. على الرغم من الهجمات الجوية والبرية المتواصلة، لم تتمكن القوات الإسرائيلية من تحرير هؤلاء الأسرى، مما يعكس قوة الفصائل الفلسطينية وقدرتها على الاحتفاظ بهم رغم الضغط العسكري الكبير. القضاء على حماس والسيطرة على قطاع غزة: هدف آخر أعلنت عنه إسرائيل كان القضاء على حركة حماس التي تدير قطاع غزة. ورغم استخدام إسرائيل لقوة عسكرية هائلة وتدميرها لعدد كبير من البنية التحتية في القطاع، لم تتمكن من تحقيق هذا الهدف. بدلاً من ذلك، استمرت حماس في إطلاق الصواريخ وتعزيز مقاومتها، مما أظهر قدرة الحركة على التكيف والصمود أمام الضربات الإسرائيلية.
الأهداف غير المعلنة تهجير سكان غزة وإعادة استيطان الإسرائيليين في القطاع: تشير تقارير وتحليلات إلى أن إسرائيل كانت تسعى إلى تهجير سكان غزة وتهيئة الأرض لإعادة استيطان الإسرائيليين فيها. ومع ذلك، فشلت هذه الجهود، حيث ظل الفلسطينيون متمسكين بأرضهم رغم الدمار الكبير والظروف الإنسانية الصعبة التي يعيشونها. إلغاء اتفاقية أوسلو وضم الضفة الغربية نهائياً: هدف خفي آخر كان يتمثل في إلغاء اتفاقية أوسلو وضم الضفة الغربية بشكل نهائي إلى إسرائيل. لكن هذا الهدف لم يتحقق أيضاً بسبب الضغوط الدولية والعقبات السياسية الداخلية والخارجية التي تحول دون تنفيذ مثل هذه الخطط. الاستمرار في هذه المحاولات قد يؤدي إلى مزيد من العزلة الدولية لإسرائيل وتفاقم الوضع السياسي المتأزم
. النتيجة إن إخفاق إسرائيل في تحقيق أهدافها المعلنة والخفية خلال حربها على غزة يعكس تعقيدات الصراع والمقاومة الفلسطينية المستمرة. لم تستطع تحرير الأسرى، ولم تقضِ على حماس أو تسيطر على القطاع. كما لم تنجح في تهجير السكان أو إلغاء اتفاقية أوسلو وضم الضفة الغربية. تبقى غزة رمزاً للصمود والتحدي، ويظل الشعب الفلسطيني متمسكاً بحقوقه وأرضه. في ظل هذه الظروف، يتضح أن الحلول العسكرية لن تجلب السلام أو تحقق الأمن. إنما تحتاج المنطقة إلى حلول سياسية عادلة تضمن حقوق الفلسطينيين وتحقق السلام الشامل والعادل لكافة الأطراف. في الختام، تُظهر أحداث الحرب الأخيرة أن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي لا يمكن حله بالقوة العسكرية وحدها، بل من خلال مسار سياسي يضمن حقوق الجميع ويعترف بالمطالب المشروعة للفلسطينيين.