أقل ما يقال عن هذا الرجل أنه شخصية مثيرة للجدل، و هو رجل أعمال أصيل منطقة الشابة، معروف عنه أنه صعب المراس، له من النفوذ الشيء الكثير، فهو دائم القرب من رجال السياسة، سطع نجمه خلال تسعينات القرن الماضي بعد أن أرسى “شركة أمير للسيارات” société Emir Autos، ليتاجر في جميع أنواع السيارات الفخمة (commercialisation des voitures de luxe).
الشركة موجودة بمنطقة المنزه 9، و هي مختصة في الإتجار بالسيارات الفخمة جدا، و هي أول مؤسسة من هذا النوع تنتصب في تونس.
تمكن المكشر رغم تغير النظام في تونس من المحافظة على نفوذه و قوته، لذلك وصفناه في البداية بأنه صعب المراس، فمهما تغيرت الأوضاع من حوله إلا أنه كان قادرا في كل مرة على المواصلة دون تذبذب.
* المكشر يستأسد أمام وديع الجريء
هذا السيد معروف بأنه لا يهاب الدخول في نزاعات مع أي كان، و أن له قدرة كبيرة على الصمود جعلته يفوز باستمرار، حتى إن رجل أعمال شهير قال مرة أن من يملك مشكلة مع المكشر فالأفضل له أن يعالجها معه بالصلح، لأن الدخول في صدام مع هذا الرجل لا طائل منه، فهو كما يقولون يتصارع مع الشيطان فيغلبه، و ذلك بدليل ما حدث مع وديع الجريء رئيس الاتحاد التونسي لكرة القدم، الذي جمد في فترة ما نشاط فريق هلال الشابة، ثم عمد من جديد لإنزال الفريق الذي يترأسه المكشر إلى الرابطة الثانية.
صمد المكشر أمام وديع الجريء فلم يستطع وديع لا تجميد نشاط الفريق مدة طويلة، و لا انزاله إلى الدرجة الثانية، إذ تمكن المكشر من الفوز بكلا الصراعين، و من أبرز تصريحات المكشر على ضوء هذا الخلاف قوله: “رئيس الاتحاد التونسي لكرة القدم أصبحت مشكلته الرئيسية الإطاحة بهلال الشابة، ووديع الجريء أصبح إمبراطورا، ويعتبر نفسه أقوى من رئيس الدولة”.
هذا و أكد المكشر في عدة مناسبات أن فريقه مستهدف من قبل الجريء، بدليل قوله: “للأسف أؤكد أن هلال الشابة مستهدف من قبل رئيس الاتحاد الذي كان وراء قيام مسؤولي الإفريقي بالتدليس لتقديم إثارة ضدي.. وقد أعلمت الاتحاد الدولي لكرة القدم بكل هذه المعطيات”.
كما أضاف بالقول متحديا الجريء :”وديع الجريء يريد أن يهبط هلال الشابة للرابطة الثانية ثم إلى الثالثة، ولكن أقول له بأنه يحلم وإن شاء الله سيكون مكاننا في الدوري الممتاز”.
و من أجرء تصريحات المكشر قوله: “الجريء يتاجر بنجاح المنتخب ووصوله إلى المونديال، فلولا اللاعب المالي الذي سجل ضد مرماه لما حصل ما حصل، وديع يعاقب هلال الشابة منذ أن طالبت بتدقيق حول حسابات الاتحاد التونسي وحتى الآن هناك قضايا ضده في هذا الاتجاه”.
إن الخلاف الضروس بين المكشر و الجريء يبين لنا بأن المكشر لم يستسلم يوما، و إنما كان جريئا في محاربته لكل من يقف في طريقه حتى و إن كان الخصم ذو منصب رفيع و نفوذ قوي.
بطبيعة الحال لم يستطع وديع الجريء إخضاع المكشر لرغباته، بل يبدو أنه زاده قوة و استبسالا، بدليل أن المكشر وقف في وجه الجريء إلى آخر نفس لتكون الغلبة في نهاية المطاف لصالحه و صالح هلال الشابة.
* مشاكل المكشر مع البنك التجاري
مشكلة “توفيق المكشر” مع البنك التجاري ليست بجديدة، إذ تعود جذور هذه الحادثة إلى الفترة التي كان فيها التجاري بنك حاملا لتسمية بنك الجنوب، حيث كان هناك خلاف بين شركة أمير للسيارات و التجاري بنك، و هو خلاف فُضّ بالحسنى.
– التحيل والتزوير يحيلان توفيق المكشر على السجن لمدة سنتين
التحيّل والتزوير.. هي تهم أدانت من خلالها الدائرة الجناحية الثامنة بالمحكمة الابتدائية بتونس رئيس هلال الشابة ورجل الاعمال توفيق المكشر، وقضت في شأنه حضوريا بالسجن مدة عامين.
و يأتي هذا الحكم بعد أن تقدمت إحدى البنوك الخاصة بشكاية جزائية ضد المكشر متّهمة إيّاه بالتحيّل والتزوير، وذلك على خلفية معاملات ذات صبغة تجارية ومالية بين الطرفين ممّا أدّى الى نشوب نزاعات قضائية مدنية وجزائية بينهما.
* سيناريوهات قضية المكشر مع التجاري بنك
المكشر في الوقت الراهن محال على ذمة القضية بحالة سراح، و بإمكانه استئناف الحكم الصادر في حقه في انتظار البت فيه.
علما و أن الحكم الإبتدائي تتفرع عنه فرضيتين، فإما فوات الآجال ثم الحكم البات ضد المكشر، و هو ما قد يعيد برطال إلى تونس، و إما أن يقع استئناف الحكم فيكسر و يقضي بالبراءة و التعقيب، أو تؤكد الإدانة و الحكم البات ثم التعقيب.
لفهم هذه القضية أكثر نعود عشر سنوات إلى الوراء من أجل فهم أطوار هذه القصة، إذ قام التجاري بنك بعقلة على شركات المكشر العقارية، و في حركة مفاجئة للكل تمكن المكشر من تكسير ذلك الحكم، بل أكثر من ذلك رفع قضية ضد البنك في استخلاص الدين مرتين و أصدر حكم على المدير العام في تلك الفترة السيد “حسن برطال” الذي كانت له علاقات جد ممتازة مع كل التونسيين، كونه كفاءة ممتازة، فغادر تونس نهائيا بلا رجعة.
هذه القضية نسيها الرأي العام تماما، و لكنها لا بد أن تطفو إلى السطح من جديد، فالحكم على المكشر بسنتين سجنا قد يعيد برطال إلى تونس و يبرئه تماما من التهم الموجهة ضده.
و تجدر الإشارة أن محكمة الإستئناف بتونس كانت أصدرت حكما إستئنافيا نهائيا بثبوت إدانة “حسن برطال” المدير العام السابق للتجاري بنك (الفترة المتراوحة بين 2006 و 2009) وسجنه مدة عام.
وبالتالي وضعت محكمة التعقيب نهاية باتة وخاتمة لمسلسل القضايا بين احدى شركات مجمع توفيق المكشر والتجاري بنك، وذلك بإرجاع المشروع العقاري والسكني والتجاري “قصر الأمراء” بضاحية المرسى لفائدة شركة المكشر بصفة باتة.
إذا تمكن التجاري بنك من ربح القضية، و حتى لو فوت المكشر في كل عقار موضوع شكاية، فإنه يمكن تتبعه إذا كان له ضمان شخصي.
أبو فرح