في ظل التطورات الجيوسياسية الأخيرة، يطرح العديد من المحللين السياسيين تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين روسيا وسوريا في سياق الأزمة الأوكرانية. فهل تستخدم روسيا سوريا كورقة ضغط في صراعها مع الغرب، خاصة في ظل التوترات المتصاعدة حول أوكرانيا؟
منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية في عام 2014، عززت روسيا علاقاتها مع سوريا، التي تعتبر حليفًا استراتيجيًا في الشرق الأوسط. وقد تجلى هذا التحالف بشكل واضح خلال التدخل العسكري الروسي في سوريا عام 2015، والذي ساعد نظام بشار الأسد على الصمود في وجه المعارضة المسلحة. ولكن مع تصاعد الأزمة الأوكرانية مرة أخرى في عام 2022، بدأت تظهر مؤشرات على أن روسيا قد تستخدم نفوذها في سوريا كجزء من استراتيجيتها الأوسع. إحدى النظريات التي يطرحها الخبراء هي أن روسيا قد تعمل على تعزيز وجودها العسكري في سوريا كوسيلة لخلق توازن استراتيجي في مواجهة الضغوط الغربية. فمن خلال تعزيز قواعدها العسكرية في سوريا، يمكن لروسيا أن تزيد من نفوذها في المنطقة، مما قد يمنحها مزيدًا من النفوذ في المفاوضات الدولية حول أوكرانيا. بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف من أن روسيا قد تستخدم سوريا كمنصة لاختبار أسلحة وتكتيكات عسكرية جديدة، يمكن أن تُستخدم لاحقًا في أوكرانيا. وقد لوحظت زيادة في النشاط العسكري الروسي في سوريا بالتزامن مع التصعيد في أوكرانيا، مما أثار تساؤلات حول وجود صلة بين المسرحين. من جهة أخرى، يرى بعض المحللين أن العلاقة بين روسيا وسوريا هي علاقة تبادل منفعة. ففي حين تدعم روسيا نظام الأسد عسكريًا وسياسيًا، فإن سوريا تقدم لروسيا موطئ قدم استراتيجي في منطقة الشرق الأوسط، مما يعزز من قدرة موسكو على التأثير في السياسة الدولية. ومع ذلك، فإن استخدام سوريا كأداة ضغط في الصراع الأوكراني يبقى أمرًا غير مؤكد. ففي حين أن روسيا قد تستفيد من تعزيز وجودها في سوريا، إلا أن التحديات الاقتصادية والعسكرية التي تواجهها قد تحد من قدرتها على التصعيد في أكثر من جبهة في آن واحد. في النهاية، يبقى السؤال حول ما إذا كانت روسيا قابضة سوريا بأوكرانيا مفتوحًا للنقاش. ففي عالم تتشابك فيه المصالح والتحالفات بشكل معقد، قد تكون الإجابة أكثر تعقيدًا مما تبدو عليه. ولكن ما هو مؤكد هو أن العلاقة بين روسيا وسوريا ستظل عاملًا مهمًا في المشهد.
عبد اللطيف بن هدية