تطبيق المعايير المحاسبية الدولية سيحسن قيمة الشركات المالية

استضاف برنامج «L’Expert « في حلقته الخامسة عشر من الموسم الخامس الذي يبث على قناة « تونسنا « مجموعة من الخبراء والمستشارين والفاعلين الاقتصاديين للحديث عن اخر المستجدات في عالم المال والاعمال وعن التحديات الاقتصادية والمالية للحكومة القادمة وفيما يلي نص الحوار:

السيد شهاب الغانمي: خبير محاسب

ان ازمة الثقة الموجودة اليوم في الاقتصاد ليست ثقة في الأرقام ولكن ثقة في التعامل بين الأشخاص في الاقتصاد بصفة عامة، فاليوم في بلادنا توجد ازمة ثقة حقيقية والتعاملات هنا اذا لم تكن أساسها الثقة فلا يمكنها ان تكون بالسلاسة التي يلزمها ان تكون بها في الاقتصاد والسوق المالية لدينا للأسف ليست منظمة كما هو منصوص عليه في المعايير الدولية فالسوق المنظمة من ابجدياتها ان تكون المعلومة موجودة ومتوفرة في الوقت اللازم ويتشارك الجميع في هذه المعلومة على نفس المساواة وإذا فقدت في وجود المعلومة بسرعة ولنفس المتدخلين متساوية فانه بطبيعة الحال يقع السيطرة على السوق من طرف المتعاملين.

  والمتعاملون الذين لا تتوفر لديهم المعلومة او تتوفر لديهم ثم يكتشفون انها ناقصة او غير صحيحة ففي حصص البورصة التي ستأتي فيما بعد سيقع التراجع فيها وقد رأينا الكميات التي يقع تداولها ففي بعض الأوقات نجد حجم تداول ضعيف جدا يجعل من بعض المتعاملين يؤثرون على قيمة السهم فليست الأرقام التي تمثلها قيمة السهم هي المؤثرة حقيقة و إنما الأرقام الموجودة في القوائم المالية هي التي تؤثر على قيمة السهم في السوق.

وبالنسبة للبنك التونسي العربي الدولي BIAT ، يكمن السر في محافطته على مكانته الأولى ونتائجه التي كانت دائما تتطور اكثر فاكثر في انه دائما يتحكم في كلفة موارده فهو تقريبا البنك الوحيد الذي لم يدخل الحكايات التي حدثت في المزاد على الودائع الموجودة لان البنوك لديها نقص في السيولة ورأينا ان تهافت بعض البنوك على السيولة أدى الى ارتفاع كبير في كلفة السيولة ورأينا ودائع تم شراؤها بنسبة 14 بالمائة و 15 بالمائة والمعلومة التي لدي تتمثل في ان البنك العربي الدولي لتونس لم يدخل في هذا السياق وحافظ على الودائع التي كانت بكلفة معقولة واعتقد انه اول بنك لديه ارخص كلفة موارد من كل البنوك وهذا مكنه من هامش مناورة كبير بطبيعة الحال بما ان الكلفة اقل فانه مع حرفائه سيقوم بفوترة هامش ربح اقل ونسبة فائدة اقل ويمكنه من المحافظة على حرفائه.

وبالنسبة للبنوك العمومية، فصحيح وقعت إعادة راسملة البنوك ولكن أكثر بنك هو الشركة التونسية للبنك تقريبا ب 800 مليون دينار وبنك الإسكان ب 200 مليون دينار والبنك الوطني الفلاحي لم تقع راسملته. وهنا اعتقد ان السر لا يكمن في إعادة الراسملة ولكن السرّ يبرز في الاتجاه في تحسين الحوكمة وخاصة انه يقع إعطاء هامش تصرف أكثر يعني حرية أكثر بالنسبة لهذه البنوك وإدخال التصرف الخاص أكثر منه تصرف عمومي وهذا رأيناه في تسمية مدراء عامين جدد جاؤوا من القطاع الخاص.

وأريد الإشارة هنا الى ان الشركة التونسية للبنك هو أكثر بنك يملك احتياطي على المخاطر فهو لديه تقريبا قرابة ما بين 2700 و3000 مليار دينار مخصصات وهنا أقول انه يعتبر منجم ذهب وليس فقط أكبر بنك صعب بل بالعكس كل من يشتغل على ذلك الاحتياطي ويقوم باسترجاعه فان النتائج لا يمكن ان تكون الا إيجابية.

ولذلك فالمهم هنا ليس إعادة راسملة البنوك وإنما ضرورة تحسين الحوكمة والتي هي التصرف الجيد وهي الرفع في نوعية الخدمات والقرب من الحريف لأنه بطبيعة الحال المنافسة الشديدة تقرب البنك اكثر من الحريف ويحاول ان يوفر له مستلزماته فطريقة العمل تغيّرت وعقلية التعامل مع الحريف تبدلت وهنا نلاحظ ان النظرة ككل تغيرت ولكن رغم ذلك نحن نطالب بمزيد التحرر داخل البنوك العمومية لأنها مازالت مكبلة ومقيدة بالعديد من القوانين التي تمنعها من ان تكون في نفس مستوى المنافسة مع البنوك الخاصة ويجب التخلي على العديد من الإجراءات التي تقف امام تطور هذه البنوك.

وللتوضيح هنا، فان ارتفاع قروض البنك الوطني الفلاحي مقارنة ببقية البنوك يمكن تفسيره بان هذا البنك بصدد اقراض ديون الحبوب الذي اخذ هذه السنة اكثر من 2 مليار دينار لتمويل مقتنياته من بنك عمومي وعندما نقوم بإلغاء ذلك يرجع قائم القروض الى العادي ولكن بصفة عامة البنوك تقرض اقل لان قائم القروض على الودائع لا يجب ان يتجاوز 120 على 100 وهو ما مكّن من خفض نسبة التضخم وخاصة خفّض بصفة كبيرة من الاستيراد من الخارج ولذلك نلاحظ ان انزلاق الدينار توقف وبالعكس هو بصدد الرجوع الى قيمته وهذا بفضل القائم لان الناس في وقت معين لم تعد ترغب في الإنتاج بل تستورد وتبيع للمستهلك التونسي الامر الذي تسبب في انزلاق كبير للدينار وهي وضعية مفهومة وحتى السيد محافظ البنك المركزي ادلى بتصريح يقول فيه انه حتى سيولة الافراد و الشركات بصدد الرجوع بصفة تدريجية للبنوك ونسبة السيولة التي خارج الاطار الشرعي في تراجع.

وبالنسبة لتقارير المالية الدولية او المعايير المحاسبية الدولة، فان المجلس الوطني للمحاسبة في اجتماعه في شهر سبتمبر 2018 اقرّ التمشي بان يقع اعتماد المعايير المحاسبية الدولية بداية من سنة 2021 وهنا نعلم ان الاعتماد سنة 2021 يلزم معالجة الموازين لسنة 2020 حسب هذه المعايير.

وبالنسبة للشركات الملزمة بتطبيق المعايير المحاسبية الدولية فهي في البداية الشركات المدرجة بالبورصة ثم البنوك ومؤسسات التامين وهم مجبرون في مرحلة أولى بتطبيقها وسيقع ذلك أولا على القوائم المالية المجمعة ثم في مرحلة ثانية من ثلاثة الى خمسة سنوات سيقع تعميمها على القوائم المالية المنفردة وهذا هو التمشي ككل لان وضع هذه المعايير الدولية حيّز التطبيق يتطلب أيضا إصلاحات في مستوى مجلة الشركات التجارية وأيضا في مستوى التشريع الجبائي فهل ان بنوكنا اليوم مهيأة او لا؟  والاجابة هنا نعم، بنوكنا الان مهيأة ويوجد لدينا العديد من البنوك لديها بنوك ام في الخارج وهي تعطي المبادرات التابعة لها عبر المعايير الدولية وهذه البنوك لا يوجد بها مشكل وخاصة البنوك الخاصة والبنوك التي لها شركات ام موجودة بالخارج.

وبقيت هنا البنوك الأخرى وخاصة البنوك العمومية فبنك الإسكان مثلا في طور وضع برنامج هذه المعايير الدولية حيّز التنفيذ وكذلك بقية البنوك العمومية الأخرى في طور وضع هذه المنظومة.

وهنا لابد من الإشارة الى وجود بيان صادر عن البنك المركزي وهو منشور عدد واحد لسنة 2020 يلزم فيه كافة البنوك بان تتهيأ لوضع المعايير الدولية وذلك بوضع هياكل معينة على مستوى الداخل بالنسبة للبنوك.

وهنا على البنوك بداية تهيئة نفسها على مستوى النظام المعلوماتي وعلى مستوى تكوين الموظفين وللتذكير هنا كان من المفروض اعتماد هذه المعايير الدولية منذ سنة 2006 و2007 ولكن نظرا لغياب الإرادة السياسية لم ترغب في الدخول فيها و الآن يجب القول حقيقة ان البنك المركزي كان له دور كبير في الدفع الى الامام في وضع المعايير المحاسبية الدولية وهو الذي كان في الحقيقة عنصرا فاعلا في اعتمادها وخرجت من نطاق البنوك وذهبت الى الشركات المدرجة بالبورصة وشركات التامين.

واعتقد هنا ان هذا الامر جيد لأنه سيقوم بترقية الشركات التي ستطبق المعايير الدولية لان هذه المعايير تأخذ احسن ما وجد في مجال متابعة المخاطر وصحيح ان اسمها معايير محاسبية دولية ولكن عند التعمق بها نجد ان جوهرها الأساسي هو التصرف في المخاطر وكيف يقع تقييد محاسبي بطريقة التصرف في المخاطر وهنا اعتقد ان هذا الامر خطوة مهمة جدا في البنوك ومؤسسات التامين التي ستقوم بقفزة نوعية اذا وصلنا الى تطبيق هذه المعايير وهي ليست مجرد قيود محاسبية ولكن هي رفع من مستوى هذه المؤسسات في اعتماد احسن معايير التصرف في المخاطر وادقّها في قيس المخاطر وتسجيلها حسابيا.

نقل الحوار نجوى السايح

Read Previous

تحسين الحوكمة داخل البنوك العمومية يساعد على تحسين مردودها

Read Next

” مجموعة الوكيل ” مرشحة لنيل جائزة ضمن أفضل 26 مجموعة في إفريقيا منتدى ” Africa CEO “

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Most Popular

آخر الأخبار