السيد “بلال الدرناوي” مدير عام شركة نقديات تونس: الإندماج المالي و الرقمنة وجهان لعملة واحدة
الإندماج المالي ليس مسؤولية البنوك فقط، و إنما هو متعلق بكل ما يندرج ضمن وسائل الدفع كالبنوك و البريد التونسي، و مؤسسات التمويل الصغير و شركات التمويل و غيرها… و نجد أن 60% من التونسيين لديهم حساب بنكي أو حساب في إحدى المؤسسات المالية الأخرى المنظمة، و لدينا 40% بدون حسابات بنكية.
من جهة أخرى يعتبر الإقبال على الخدمات البنكية ضعيفا جدا، فمثلا على مستوى البنك التجاري و حسب دراسة، نجد أن هناك إقبالا ضعيفا جدا على فروع البنك التجاري، لأن أغلبية الحرفاء يقومون بإدارة حساباتهم البنكية عن بعد و بالتالي لا يقصدون الفروع البنكية سوى عند الحاجة الملحة، كالاقتراض أو لاستشارة معينة… أما فيما يتعلق بنقاط البيع فتعتبر جيدة، لأن البريد و البنوك متواجدان في كل المناطق داخل الجمهورية.
أما فيما يتعلق بنسبة ال40% من المواطنين الغير مندرجين في البنوك أو حتى البريد، فإن سبب عزوفهم هذا يعود إما لعدم الرغبة في التعامل مع البنوك، أو أن أجورهم لا تكفي لفتح حساب بنكي، و هذا ما لوحظ جليا في دراسة سنة 2018.
تأسست شركة نقديات تونس سنة 1989 و كانت تلك أول تجربة استثمارية، و تقوم النقديات أساسا على مبدأ التوافق، فمثلا لدينا صك تابع للمصرف “A” نريد صرفه في المصرف “B”… هنا لا يمكن القيام بهذه العملية! لأن البنك “B” لن يقبل صرف صك تابع لمصرف آخر.. بينما يمكن استخدام البطاقة البنكية الإلكترونية على مدار 24 ساعة و باستخدام كل الموزعات المالية و هو ما يوضح جليا مبدأ التوافق بين البنوك، و هذه الميزة غير موجودة في وسائل الدفع الأخرى.. إذ نملك وسيلة دفع و سحب شغالة على مدار 24 ساعة متوفرة على كامل 365 يوما، و بالتالي نحن في حاجة لنظام فعال يعمل على مدار 24/24 ساعة على امتداد كامل أيام السنة دون توقف.
تملك نقديات تونس العديد من البرامج لتطوير هذه الشركة و ما تقدمه من خدمات مختلفة و متنوعة، و ذلك بأيادي تونسية خالصة.. و أدى أحد البنوك المركزية الإفريقية زيارة لتونس من أجل الإطلاع على منظومتنا، و قرر بالفعل استخدامها، كما سيؤدي بنك مركزي إفريقي ثان زيارة لتونس لذات الغرض، و هذا دليل على أننا نملك منظومة متميزة و فعالة إلى أقصى الحدود، و نملك حرفاء بالجزائر و ليبيا و تقريبا كل الدول الإفريقية… و هو ما يؤكد بأننا نقوم بتصدير ما نملك من خبرات و مهارات.
و نعمل في الوقت الحاضر على آلية الدفع الإكتروني عن بعد باستخدام الهواتف الذكية، و تندرج في هذا المشروع شركة نقديات تونس بمعية عدة بنوك و هي الاتحاد البنكي للتجارة والصناعة UBCI و التجاري بنك و البنك الفلاحي الوطني و بنك الأمان و البنك التونسي للتضامن و بنك الزيتونة و كذلك via mobile و العديد من الشركات المالية الأخرى… باختصار هذه المنظومة تم تطويرها بكفاءات تونسية عن طريق مجموعة من الشركات الناشئة القادرة على التطوير.
منذ ثلاث سنوات كانت عملية سحب الأموال تمثل 80% من إجمالي العمليات النقدية، أما في الوقت الحاضر فقد انخفضت هذه النسبة إلى 57% و بقيت العمليات تتعلق بالتجارة الالكتوني أو المباشرة…
من جهة أخرى يعتبر النموذج الإقتصادي في تونس خاطئا تماما، لأن الدول المتقدمة و في كل ما يتعلق بالنقديات نجد أن البنوك لا تتدخل في محطة الدفع الإلكتروني و تجعلها حكرا على التجار.. و يوجد على مستوى شركة نقديات تونس خمس مزودين حصلوا على تراخيص من أجل تقديم مادة جديدة، و هؤلاء غيروا اقتصادهم.
تم تحديد العمليات الداخلية بين التونسيين ب1% مع ضمان الدفع بنسبة 100% و في ظرف 24 ساعة يتم توفير المبالغ المالية دون وجود أدنى نقص أو تقصير، و ستكون هذه العملية في المستقبل حينية، هذا و لا ننفي وجود العديد من التشكيات بسبب العمولات، و البنوك التونسية دائما ما تقتطع المال على البطاقات الأجنبية.
أهمية العلاقة بين الحريف و البنك
من أهم الصعوبات في القطاع المالي العلاقة بين المصرف و الحريف، خاصة و أن الحريف لم يعد يتواجد فعليا بالبنوك، و إنما يكتفي بقضاء حوائجه عن بعد، لذلك لا بد من المحافظة على الحريف، لأن الحريف هو المستهلك و البنوك تتأتى أرباحها أساسا من سمة الاستهلاك لدى حرفائها، لذلك فالعلاقة بين الحريف و المصرف هامة و هامة جدا، و عليه لا بد من تكوين و تثقيف الحريف، حتى يكون متمكنا مما لديه من خدمات، و بهذه الطريقة تتكون لديه ثقة كبيرة في هذه الخدمات التي نجده يدأب على استخدامها باستمرار و دون انقطاع.
و قد حققت التجارة الإلكترونية ارتفاعا كبيرا في نسقها بنسبة 70% و سنحقق بنهاية هذه السنة كمداخيل من التجارة الإلكترونية ما يقارب 500 مليون دينار، و هي تمثل 30% من حجم التجارة التونسية ككل، لأن التونسيين عموما لا يزالون يتعاملون نقدا.
قمنا في تونس بالعديد من التجارب الناجحة، و هذا النجاح يعود فيه الفضل للدولة، فمثلا من أجل خلاص معاليم فحص السيارة لا بد من التسجيل، فهذه العملية لم تعد مباشرة و نقدا. و لكن الأهم من ذلك أن هناك دكاكينا قامت بخلق آليات للدفع الإلكتروني بمعلوم بسيط قد لا يتجاوز الثلاث دنانير عموما، و بهذه الطريقة تم خلق منتوج هام رغم بساطته.
كما أن لدينا مثالا في دفع معاليم الجولان المفروضة على السيارات، حيث يضطر المواطنون للوقوف في طوابير طويلة من أجل دفع هذه المعاليم، فلماذا لا يتم خلق منصة من أجل دفع مثل هذه المعاليم… و نحن قادرون تقنيا على تطوير برنامج خاص بهذه العملية. كما أنه ليس من المعقول الوقوف في الطوابير من أجل الحصول على وثيقة التأمين.
و تمكنا من تحقيق نجاح باهر على مستوى توزيع المساعدات الإجتماعية، حيث تم تمتيع 350 ألف عائلة بهذه المساعدات، أما هذه السنة فتضاعف هذا الرقم ليصل إلى 360 ألف، و قد قمنا بتوزيع هذه المساعدات عن طريق الهاتف العادي، و ليس الهاتف الذكي، لأن هذه المساعدات تم توزيعها عن طريق الرسائل القصيرة، و هذا يدل على نجاح التونسيين في ابتكار تطبيقة فعالة، بل و أكثر من ذلك كانت محل رضاء كبير من قبل الناس، الذين وجدوا بساطة و يسرا في حصولهم على أموالهم عن طريق الهاتف ثم الموزع الآلي.
و يملك الدفع الإلكترون عدة مزايا نذكر من بينها خاصية التتبع، و التخلص من كل مخاطر حمل الأموال نقدا.. و لهذه الأسباب نشجع كثيرا على خاصية الدفع عن بعد، و بالتالي يعتبر دور الدولة في هذا المستوى هاما و هاما جدا.
بلال بو علي