منذ أن أحلت على المعاش بسبب بلوغ السن القانونية لم أعد أشاهد المسلسلات بعد ذلك الكم الهائل من الفرجة التي تتبعتها في نطاق المهنة … لم تعد تستهويني لا العاطفية منها و لا التاريخية و خاصة التي تتحدث و تثير قصص حياة مشاهير عشنا عصرهم و عرفنا كل تفاصيل حياتهم .
و بسبب حب الإطلاع و معرفة كيفية استغلال شهرة المثل عادل إمام شاهدت في السنة الماضية مسلسل » فرقة ناجي عطا الله » و هذه السنة مسلسل » العراف » و قطعا لم يستهويني لا هذا و لاذاك خاصة و أن فواصل الإشهار في الحلقة الواحدة تدمر صبر المشاهد لأن مادة الإشهار في كل حلقة تتخطى بكثير الأحداث .
و بغض الطرف عن جودة التمثيل و حسن إيقاع المغامرات التي خلت من التشويق و تنوع الأماكن باجتهاد طاغي في التصوير فإن القصّة في مجملها من الصعب أن تجلب انتباه المتفرج و لكن وجود عادل إمام يفرض على المتتبع أن يعرف في النهاية هدف الكاتب الذي أصبح اختصاصيا في نقد المجتمع بأسلوب متميز .
و في الحلقة 29 شعرت أن الأحداث بعد أن غرقت في عالم خيالي خيوطه متشابكة ألقت بومضة قريبة من الواقعية التي تعيشها الشعوب و هي كيف أن هذه الثورات جاءت بأناس من عالم بعيد عن الشرف و عن النزاهة و عن الثورية و عن النضال لتلقي بهم في مقدمة ركح الأحداث و تجعل منهم « ثوار »و « أصحاب قرار » و مرجعية تاريخية و لهم القول الفصل .
سمعنا العديد من القصص عن أناس لمعوا و تمتعوا بشهرة واسعة و لكن على طريقة إثارة السيرة الذاتية في المسلسلات الشرقية أي القاء الضوء على الجانب الوردي فقط … قصص مذهلة و لكنها شفاهية سمعناها من أطراف عايشوا عن كثب تلك الفترات و كانوا رفقاء من تمتعوا بشهرة عن سيرة في اتجاه واحد … مع الأسف هي حقيقة و لكن من الصعب أن يذكرها أي كان بصفة علانية سواء عن من رحلوا أو من هم على ركح الأيام …و هكذا في لحضات يمكن تلخيص مسلسل » العريف » قصة رجل من أسفل درجات المجتمع و في قاعة الملوث أراد أن يستغل الثورة و يتسلق أعلى درجات السلم و ينتصب على القمة … إنها ليست » قصة » و » حكاية » و لكنها الواقع مع تنوع التفاصيل و ما أكثر عدد هؤلاء في أيامنا هذه إنهم يستغلون فترات الثورات و التغيير لارتداء جلباب جديد .
محمد الكامل