• 25 avril 2025

العقل التقدمي و الاقتصاد المتفوّق

982

منذ‭ ‬البدء‭ ‬أي‭ ‬منذ‭ ‬استرداد‭ ‬البلاد‭ ‬لمقاليدها‭ ‬السياسية‭ ‬و‭ ‬أصبحت‭ ‬ذات‭ ‬سيادة

كاملة‭ ‬في‭ ‬التصرف‭ ‬في‭ ‬شؤونها‭ ‬تحت‭ ‬رعاية‭ ‬و‭ ‬سلطة‭ ‬مسؤولين‭ ‬وطنيين‭ ‬اتجهت

اتجاها‭ ‬خاصا‭ ‬و‭ ‬خالصا‭ ‬للتصنيع‭ ‬و‭ ‬للتركيب‭ ‬المصانع‭ ‬الكبرى‭ ‬و‭ ‬ذلك‭ ‬لأسباب

كثيرة‭ ‬أهمها‭ ‬تلك‭ ‬التركة‭ ‬الضخمة‭ ‬من‭ ‬المصانع‭ ‬و‭ ‬المعامل‭ ‬و‭ ‬المحاجر‭ ‬و‭ ‬المناجم

و‭ ‬ترك‭ ‬الآلات‭ ‬الثقيلة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬قوام‭ ‬الصناعة‭ ‬و‭ ‬الانتاج‭ ‬أنذاك‭ ‬و‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬في‭ ‬يد

السلطة‭ ‬الحديثة‭ ‬العهد‭ ‬أنذاك‭ ‬خبرة‭ ‬بالتسيير‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تشد‭ ‬بكل‭ ‬قوتها‭ ‬على‭ ‬تلك

التركة‭ ‬الصناعية‭ ‬الموروثة‭ ‬على‭ ‬دولة‭ ‬استعمارية‭ ‬أنشأت‭ ‬هذه‭ ‬الصناعات‭ ‬لفائدتها

و‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬و‭ ‬دراية‭ ‬بكيفية‭ ‬إدارتها‭ ‬و‭ ‬توجيهها‭ ‬حيث‭ ‬وفرت‭ ‬لذلك‭ ‬رجالات

مضطلعين‭ ‬و‭ ‬مهندسين‭ ‬أكفاء‭ ‬و‭ ‬على‭ ‬رأسهم‭ ‬إدارة‭ ‬قادرة‭ ‬و‭ ‬مقتدرة‭ ‬و‭ ‬ذات‭ ‬إطلاع

واسع‭ ‬و‭ ‬خبرة‭ ‬كبيرة‭ ‬فنجحت‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أ‭ ‬اّمي‭ ‬نجاح‭ . ‬فلم‭ ‬تقدّر‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬السلطة‭ ‬هذه

الأمور‭ ‬حق‭ ‬قدرها‭ ‬فأسست‭ ‬إدارة‭ ‬غير‭ ‬ذات‭ ‬كفاءة‭ ‬و‭ ‬عينت‭ ‬مهندسين‭ ‬لا‭ ‬دراية‭ ‬لهم

على‭ ‬إدارة‭ ‬شؤون‭ ‬هذه‭ ‬المنشآت‭ ‬الكبيرة‭ ‬و‭ ‬المصانع‭ ‬الضخمة‭ ‬فبدأ‭ ‬الانتاج‭ ‬يترهل‭ ‬و

الصناعة‭ ‬تتراجع‭ ‬و‭ ‬ظهرت‭ ‬بوادر‭ ‬الخسارة‭ ‬و‭ ‬انجلت‭ ‬الحقيقة‭ ‬الثابتة‭ ‬أن‭ ‬الصناعة

تولّد‭ ‬الاقتصاد‭ ‬و‭ ‬تسير‭ ‬به‭ ‬نحو‭ ‬التفوق‭ ‬و‭ ‬النجاح‭ ‬و‭ ‬ثبت‭ ‬للسلط‭ ‬أنذاك‭ ‬أن‭ ‬المهم‭ ‬ليس

المصنع‭ ‬و‭ ‬لكنه‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬وراء‭ ‬المصنع‭ ‬و‭ ‬أن‭ ‬المناجم‭ ‬وحدها‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬منتجة‭ ‬إلا

إذا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬يخطط‭ ‬لها‭ ‬و‭ ‬يهندس‭ ‬مسارها‭ ‬و‭ ‬يدير‭ ‬شؤونها‭ ‬و‭ ‬معنى‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬يكون

العقل‭ ‬المدير‭ ‬و‭ ‬المدبر‭ ‬عقلا‭ ‬تقدميّا‭ ‬متفهما‭ ‬للحالة‭ ‬و‭ ‬لما‭ ‬يكون‭ ‬عليه‭ ‬الأمر‭ ‬فسلطت

أنذاك‭ ‬الدولة‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬التكوين‭ ‬العلمي‭ ‬و‭ ‬الإدارة‭ ‬المقننة‭ ‬و‭ ‬استغنت‭ ‬بهدوء‭ ‬و

تروّ‭ ‬على‭ ‬رؤساء‭ ‬هذه‭ ‬المصانع‭ ‬الذين‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬همّ‭ ‬لهم‭ ‬إلا‭ ‬البهرجة‭ ‬و‭ ‬الاستعراض

أمام‭ ‬غيرهم‭ ‬من‭ ‬الأكفاء‭ ‬الذين‭ ‬يستطعون‭ ‬إدارة‭ ‬الشأن‭ ‬الصناعي‭ ‬و‭ ‬الانتاجي‭ ‬و

لو‭ ‬أنهم‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬الخبرة‭ ‬اللازمة‭ ‬و‭ ‬لا‭ ‬الكفاءة‭ ‬المطلوبة‭ ‬و‭ ‬لكنهم‭ ‬يملكون‭ ‬جدية

العمل‭ ‬و‭ ‬تفوق‭ ‬العقل‭ ‬و‭ ‬قوّة‭ ‬الإندماج‭ ‬و‭ ‬بهم‭ ‬و‭ ‬بواسطتهم‭ ‬يستطيع‭ ‬اقتصادنا

الصناعي‭ ‬أن‭ ‬يتفوق‭ ‬و‭ ‬يصعد‭ ‬و‭ ‬يبلغ‭ ‬مرحلة‭ ‬المزاحمة‭ ‬و‭ ‬ميدان‭ ‬المنافسة‭ ‬فالعقل

إذا‭ ‬تطور‭ ‬تقدميّا‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬الصحيح‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يخلق‭ ‬النتائج‭ ‬الإيجابية‭ ‬و

علّنا‭ ‬إذا‭ ‬بحثنا‭ ‬مليّا‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬غيرنا‭ ‬لوجدنا‭ ‬تفوّقا‭ ‬واضحا‭ ‬لدى‭ ‬بلدان‭ ‬صغيرة

كفرلندا‭ ‬و‭ ‬هولاندا‭ ‬و‭ ‬ذلك‭ ‬بفضل‭ ‬العقل‭ ‬التقدمي‭ ‬لدى‭ ‬الإدارة‭ ‬المشرفة‭ ‬أو‭ ‬الرجال

المسيرين‭ ‬أو‭ ‬العملة‭ ‬قوة‭ ‬الإنتاج‭ ‬الأولى‭ . ‬إذا‭ ‬باقتصار‭ ‬اقتصادنا‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬التفوق

و‭ ‬المنافسة‭ ‬إذا‭ ‬توفرت‭ ‬المعطيات‭ ‬الهامة‭ ‬و‭ ‬هو‭ ‬العقل‭ ‬التقدمي‭ ‬و‭ ‬الذهنية‭ ‬الإنتاجية

و‭ ‬الإدارة‭ ‬ذات‭ ‬الكفاءة‭ ‬لهذا‭ ‬أستطيع‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬أن‭ ‬اقتصادنا‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬السوي

بكل‭ ‬فروعه‭ ‬سواء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الذي‭ ‬يرتكز‭ ‬على‭ ‬خامات‭ ‬الأرض‭ ‬أو‭ ‬الذي‭ ‬يعتمد‭ ‬على

التصنيع‭ ‬الأساسي‭ ‬أو‭ ‬التحويلي‭ ‬و‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الحالات‭ ‬الإقتصاد‭ ‬يبنى‭ ‬على‭ ‬ركائزه

الثلاثة

العقل‭ ‬التقدمي‭ ‬إشرافا‭ ‬و‭ ‬تخطيط‭ ‬و‭ ‬تنفيذا

الألة‭ ‬بكل‭ ‬مقوماتها‭ ‬التكنولوجية‭ ‬و‭ ‬الميكانكية‭ ‬و‭ ‬صيانتها

العامل‭ ‬بجديته‭ ‬و‭ ‬تفانيه‭ ‬مع‭ ‬راحته‭ ‬النفسية‭ .‬

رفيق‭ ‬المختار

Read Previous

لوجه الله

Read Next

رؤية السيد محمد العياشي العجرودي للوضع الإقتصادي والسياسي في تونس

Leave a Reply

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

Most Popular

A la une!