دأب خلال الفترة الأخيرة كل من القضاة و المحامين على تنظيم الوقفات الاحتجاجية أمام قصر العدالة بتونس و في كل الفروع الجهوية و تأتي هذه المواقف بعد تصدع العلاقات بين الطرفين و تزايد تفاقم الأزمة بين قطاع المحاماة و القضاة يوم أصدر قاضي التحقيق بالمكتب الخامس بالمحكمة الابتدائية بتونس بطاقة إيداع بالسجن ضد إحدى المحاميات من أجل جريمة تحيل و رفضه مطلب السراح و قام محامون إثر ذلك بالاعتداء على قاضي التحقيق.
و السؤال الذي يطرح نفسه اليوم كيف يستطيع المواطن أن يضمن حصوله على حقه و مسار تحقيق العدالة معطل بيد القضاة و المحامين في ظل بتتالي الوقفات الاحتجاجية وتكرار تنظيم الإضرابات و مرهون بقرار إلغائها أو وقفها ؟
ربما كان القاضي محاميا قبل أن يجلس في منصة القضاء و المحامي ربما جلس في يوم ما على تلك المنصة قبل أن يتركها ليعود إلى المحاماة , و في كلتا الحاتين لا يشعر أي منهما بأنه غريب عن الوسط الذي انتقل إليه فهما من أسرة واحدة تعمل لخدمة الحق و العدل و القانون و نصرة المظلوم.
و لكن هذه الإضرابات التي بتنا نعيش على واقعها كل فترة تشكل في الواقع عوائق تمنع المحامين و القضاة على حد السواء من أداء مهامهم على أكمل وجه .فمؤخرا و من تداعيات الإحتقان بين كلا الطرفين اضطرت إحدى الدوائر القضائية إلى النظر في أكثر من 1000 ملف قضية في جلسة واحدة. فكيف يمكن لقاض أن يتعايش مع ضغط العمل و يحافظ على تركيزه طيلة يوم كامل وسط هذا الكم الهائل من الملفات؟ و ما هي الحالة التي يصل إليها المحامي إلى قاعة الجلسات ليرافع عن موكله بعد انتظار طويل في أروقة المحاكم؟
و لعل كثرة الملفات المعروضة على هيئات المحاكم التي تفوق أحيانا في الجلسة الواحدة عشرات الملفات قد تدفع برئيس الجلسة إلى تأخير أغلبها و حجز عدد آخر منها للمناقشة خاصة و أن دراسة هذه الملفات تتطلب تعمقا و تدقيقا كبيرين و ذلك بالنظر إلى عدد الأطراف المتداخلة و الوثائق التي يتضمنها كل ملف على حدة.
و لا ننسى هنا المتقاضين و عائلاتهم الذين يجدون أنفسهم مجبرين على الانتظار لساعات و ساعات إن لم نقل أياما في حالة تأجيل النظر في قضاياهم إلى وقت لاحق.
زينة العزابي