• 24 avril 2025

يوم دراسي حول «الاستثمار الخاص والرعاية في القطاع الثقافي»: الدولة لا تحتكر الاستثمار في القطاع الثقافي وتسعى إلى تشريك كافة مكونات المجتمع المدني

DSC_1682 site

تغطية: هاجر عزّوني

صور: رحاب الزرعي

إن الاستثمار الثقافي بات ضرورة ملحة من قبل القطاع الخاص لأن الدعم الحكومي وهو مطلوب ونشدد عليه لا يكفي ولن يستطيع الإيفاء بالمتطلبات المتزايدة والطفرة الثقافية في بلادنا.

وعلى هذا الأساس نظّمت وزارة الثقافة والمحافظة على التراث يوما دراسيّا حول «الاستثمار الخاص والرعاية في القطاع الثقافي» وقد حضره عدد كبير من أهل القطاع وخبراء في المالية والبنوك وغيرهم وقد غصّت القاعة بالحضور المكثّف خاصة من طرف الفنّانين لأهمية هذا الموضوع وسعيهم في الآن نفسه لطرح مشاكلهم في القطاع.

ونظرا لأهمية هذا الموضوع استجلينا آراء بعض المتدخّلين في هذا اليوم الدراسي وعن دور الاستثمار الثقافي ومميّزاته وجاءت الإجابات كالتالي:

سنية مبارك (وزيرة الثقافة)

DSC_1685 site

لامركزية الاستثمار في المجال الثقافي

إنّ تنظيم يوم دراسي حول الاستثمار والرعاية في القطاع الثقافي يعتبر من الأولويات في هذه الظروف الصعبة. كما أنّ مساهمة القطاع الثقافي والإبداعي في التنمية يشهد تطورا متواصلا وأن بلادنا تسعى إلى تطوير المجال الثقافي والارتقاء به ليصبح صناعة ثقافية حقيقية لذا وجب ترسيخ مبدأ التشاركية بين القطاعين العام والخاص من خلال رسم علاقة جديدة لأنّ الدولة لا تحتكر الاستثمار في المشروع الثقافي بل تشارك فيه كافة مكونات المجتمع المدني كما أنها تضخّ أموالا كثيرة لتُحرّك هذا القطاع.

إنّ المشروع الثقافي الجديد ينبني على لامركزية الاستثمار في المجال الثقافي ماديّا وهيكليّا وإجرائيا إلى جانب إرساء عقلية جديدة لتحقيق فرص النجاح لهذا المشروع لذا لابدّ من تفعيله.

كما يجب المراهنة على القطاع الثقافي لتضمنه لمضامين إبداعية مضافة إلى جانب تنافسية الاقتصاد الإبداعي.

نعمان الحمروني (مدير بوزارة الثقافة والمحافظة على التراث)

DSC_1749 site

«قراءة في واقع الصناعات الثقافية في تونس»

إنّ الصناعات الثقافية ضمن السياسات العمومية تمرّ على مراحل أوّلها مرحلة الإدراك أي الإدراك المبكر من قبل الدولة للبعد الاقتصادي للأنشطة الثقافية من خلال نشاط السينما ثمّ مرحلة التخطيط حيث تتمثّل خطة المخطط الحادي عشر للتنمية في مزيد التعريف بصندوق ضمان القروض المسندة للصناعات الثقافية وفي إحداث خلية بالوزارة للإحاطة بالمستثمرين الخواص وإرشادهم إقرار برنامج لترقيم المخزون السمعي البصري و السينمائي الوطني وتوظيف المخزون الحضاري الوطني في خدمة التنمية وإحداث شباك موحد لتطوير حركة تصوير الأفلام الأجنبية بتونس والبطء في التنفيذ وضعف في مستوى الإجراءات المتخذة.

إلى جانب ضرورة القيام بعملية تشخيص دقيقة تستند إلى معطيات ومؤشرات إحصائية لتشخيص واقع الصناعات الثقافية بعيدا عن كلّ التوظيفات السياسية والمقاربات المتسرعة للموضوع.

ولتحليل واقع الصناعات الثقافية انطلاقا من مؤشر الناتج الداخلي الخام حيث توجد ثلاث طرق:

– طريقة الإنتاج وهي الأكثر تداولا و يتم في إطارها احتساب الناتج الداخلي  باحتساب مجموع القيمة المضافة لاقتصاد ما علما و أن القيمة المضافة تساوي مجموع الإنتاج ناقص الاستهلاكات الوسيطة. الناتج الداخلي الخام = مجموع القيمة المضافة + الضرائب – الإعانات على المنتجات.

– طريقة الدخل:  يتم في إطارها احتساب الناتج انطلاقا من الدخل الصافي المتوفر لجميع الفاعلين الاقتصاديين: الأجراء و الشركات و الدولة.

– طريقة الإنفاق: يتم من خلالها احتساب هذا الناتج انطلاقا من الإنفاق و ذلك كالتالي: الناتج الداخلي الخام = الاستهلاك النهائي الخاص + الاستثمار + الإنفاق العام +(الصادرات – الواردات).

ويبلغ الناتج الداخلي الخام المرتبط بالأنشطة الثقافية و الإبداعية لسنة 2014 حوالي 590 م.د وهو ما يمثل نسبة 0.70% من مجموع الناتج الداخلي الخام.

ويساهم الإنفاق العمومي والاستثمار الخاص والاستهلاك الخاص بنسب تكاد تكون متساوية في تكوين الناتج الداخلي الخام للأنشطة ذات الصبغة الثقافية في حين لا تتعدى مساهمة التجارة الخارجية 7%.

وهناك أكثر من 75% من القيمة المضافة تساعد في تكوينها  الأنشطة التي لا تشرف عليها الوزارة على غرار التلفزة والراديو والصحافة المكتوبة والصناعات التقليدية.

ومساهمة أنشطة الصناعات الثقافية في الناتج الداخلي الخام ضعيفة (0,70%) إذا ما قارناها بنسبة مساهمة نفس هذه الأنشطة  في دول أخرى إذ تتجاوز مساهمتها في فرنسا مثلا 3%.

وهناك مساهمة ضعيفة  مقارنة بقطاعات إنتاجية أخرى على غرار الفلاحة والصيد البحري 9% والصناعات الغذائية 2.7% والصناعات الكيميائية 1.4% والسياحة والخدمات الفندقية حوالي 4.4%.

كذلك هناك اختلاف في العناصر المكونة للقيمة المضافة بين الأنشطة التي تشرف عليها الوزارة و بقية الأنشطة الأخرى.

والأنشطة التي تشرف عليها الوزارة تعتمد أساسا على الإنفاق العام (67%).

والأنشطة التي لا تشرف عليها الوزارة تعتمد على الاستهلاك و الاستثمار الخاص (68%).

أمّا الاستهلاك الخاص للمنتجات الثقافية يبلغ حوالي 190 م.د منها حوالي 60 م.د. فقط أي 32% تقريبا موجه لأنشطة تشرف عليها الوزارة.

حوالي 50 % من الاستهلاك الخاص موجه للتلفزة والملتيميديا والصحافة المكتوبة  في حين لا تتعدى نسبة الإنفاق على المسرح والسينما والكتاب 6%.

وللاستنتاج من مؤشّر الاستهلاك الخاص فيمكن القول أنّ السوق المحدودة للمنتجات الثقافية (18دينار) إذا ما قارناها بأسواق أخرى مثل سوق الاتصالات (140 دينارا) و الإنفاق على النزل و المطاعم و المقاهي: 85 دينار  و الإنفاق على المشروبات الكحولية و التبغ (73دينار).

والسوق مرتبط في حدود حوالي 20% بالطلب الخارجي ويخص ذلك منتوجات الصناعات التقليدية وسياحة المعالم و المواقع الأثرية.

أمّا إنفاق المركز على الصحف والمجلات والتلفزة يعكس «نجاح» سياسة ثقافية اعتُمدت خلال عقدين وأفقدت المواطن التونسي تقريبا الآليات الضرورية لمقاربة الشأن الإبداعي والفني.

وهناك شبه قطيعة بين التونسي و تراثه سواء المادي (الآثار) أو اللامادي (الصناعات التقليدية) حيث أن الإقبال على هذه الأنشطة و المنتوجات مرتبطة بأكثر من 80% بالسياحة الخارجية.

يبلغ مجموع الإنفاق العام المباشر على قطاع الصناعات الثقافية 170 م.د تساهم وزارة الثقافة فيه بحوالي 90 م.د.

45 % من ميزانية وزارة الثقافة موجهة إلى العمل الثقافي إما في شكل تمويل مباشر أو استثمار في البنية الأساسية أما الباقي فهو مخصص لنفقات التأجير ووسائل المصالح.

وهناك 50% من النفقات المباشرة موجهة للبنية الأساسية وأما الباقي فهو موزع بين المهرجانات والتظاهرات الثقافية (26% ) ودعم الفنون (20% ) والكتاب والمطالعة (11 %) والتراث (4%) والمؤسسات الثقافية (22%).

هناك تطور مهم لأنشطة غير مصنفة كلاسيكيا على أنها أنشطة ثقافية على غرار نشاط الملتيميديا الذي يساهم بنسبة 28% من جملة صادرات الصناعات الثقافية.

وما يزال النشاط المرتبط بالصناعات التقليدية يحقق فائضا تجاريا في مستوى المبادلات التجارية إلا أن وجوده قد أصبح مهددا نظرا لارتباطه الشديد بالسياحة الخارجية من جهة و لتنامي ظاهرة التقليد إذ أصبحت منتجاته  تورد من أسواق خارجية.

وهناك تأثير قوي للثقافة الغربية و خاصة منها الفرنسية فأكثر من 70 % من وارداتنا من الكتب مصدرها دول غربية و في مقدمتها فرنسا لكن ذلك لا يمنع من حضور مهم للثقافة الوطنية في الأسواق الإفريقية و المغاربية.

محمد زين العابدين (أستاذ جامعي)

DSC_1695site

«مجالات الاستثمار الخاص في الميدان الثقافي ومميزاته»

إنّ الدولة لا يمكن لها الاستثمار حين لا تعطي الفرصة للفنّانين المبدعين وخاصّة الذين يملكون مشاريع والتي لابدّ لها أن تُدرس في علاقتها بمستوى السوق ومبدأ العرض والطلب وكل ذلك يقتضي من وزارة الثقافة تسهيل روح المبادرة من خلال القوانين والتشريعات والتحفيز على الاستثمار في مختلف الفنون ولكن كذلك في اعتماد صناعات جديدة موجودة مثل ما هو موجود في الصين كصناعة الثقافة الافتراضية والخاصة بكل ما هي وسائل اتصالية جديدة ممّا تعطي صيغة جديدة في مبدأ الإبداع والابتكار والاستثمار، والثقافة لا يمكنا احتكار هذا الموضوع فلا بدّ من تشجيع من خلال حوافز تتمثّل في أموال أو تعهّدات مالية أو تجهيزات أو إطار للتنشيط كخلق المسارح وبعث الفضاءات الثقافية وهذه الحوافز تُعطى للمستثمرين الثقافيّين وتحرير مبدأ المبادرة.

لابدّ من دعم أهمية الاستثمار في المجال الثقافي، لكن بإستراتيجية مدروسة إذ أنّ فكرة استقطاب الخواص للمساهمة في الثقافة مهمة وضرورية، لكن يجب أن ترافقها إجراءات عملية، وتحفيزات ملموسة، واستراتيجيات مدروسة، وتحوّلات في الكثير من المسائل التي على علاقة ببنية السلطة وتنظيمها، وخاصة بالانفتاح على التعدّد والاختلاف وهذا هو جوهر الإشكال.

هذا اليوم الدراسي هو مجال لفتح الإشكال وفتح باب النقاش ووضع السياق العام للإشكاليات المطروحة مع جملة من الحلول التي تتطلّب الإرادة فدون إرادة لا يمكن تحقيق أيّ هدف.

منذر بن إبراهيم (ممثل وزارة المالية)

«النظام الجبائي للاستثمار الثقافي الخاص»

يعتبر الإطار الجبائي التونسي ملائما لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في المجال الثقافي وعلى دعم الأنشطة والأعمال الثقافية وذلك سواء بمقتضى التشريع الجبائي العام أو بمقتضى التشريع المتعلق بتشجيع الاستثمار .

كما تتوفر عدة آليات و امتيازات مالية هامة تمكن من توفير التمويلات الضرورية لإنجاز المشاريع في قطاع الإنتاج و الصناعات الثقافية.

وفي إطـار مجلة الأداء على القيمة المضافة فقد تضمنت مجلة الأداء على القيمة المضافة جملة من الامتيازات لفائدة الأنشطة الثقافية تتمثل في إعفاء العمليات المتعلقة بالمنتجات والخدمات التالية من دفع الأداء على القيمة المضافة وكذلك توريد الأشرطة السينمائية المرسومة ذات الصبغة الثقافية أو الاجتماعية أو العلمية أو التكوينية والأفلام السينمائية المرسومة المعدة للعرض للعموم إلى جانب إنتاج الأفلام السينمائية والتلفزية المرسومة على أشرطة سينمائية أو على أشرطة فيديو المعدة للعرض للعموم أو للبث التلفزي إلى جانب توريد وصنع وبيع المواد الثقافية كالآلات الموسيقية وأجزاؤها والمواد المعدة لصنعها والمواد المستعملة في الفنون التشكيلية، وكذلك معدات الصوت والإضاءة المسرحية لفائدة وزارة الثقافة أو المسارح البلدية أو الفرق المسرحية المرخص لها من طرف وزارة الثقافة والمحافظة على التراث وكذلك معدات التجهيز والمواد اللازمة للإنتاج السينمائي وقاعات عرض الأفلام للعموم.

وقد مكّنت مجلة الأداء على القيمة المضافة الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية والمنشآت العمومية والجمعيّات المحدثة وفقا للتشريع الجاري به العمل من الانتفاع بتوقيف العمل بالأداء على القيمة المضافة على المنتجات المسلمة بعنوان الهبات في نطاق التعاون الدولي حيث يسند توقيف العمل بالأداء على القيمة المضافة على أساس شهادة في الغرض تسلم من قبل مكتب مراقبة الأداءات المختص.

كما تم إخضاع عدد من المواد والمنتجات التالية للأداء على القيمة المضافة  بنسبة مخفضة بـ 6% من خلال توريد الورق المعد لطباعة المجلات، المدرج بالبند 48.10 من تعريفة المعاليم الديوانية من قبل مؤسّسات طباعة المجلات وكذلك بيع الورق المعد لطباعة المجلات، المدرج بالبند 48.10 من تعريفة المعاليم الديوانية لفائدة مؤسّسات طباعة المجلات إلى جانب توزيع وعرض الأفلام السينمائية ومعلوم الدخول إلى المتاحف.

وفي إطـار مجلة معاليم التسجيل والطابع الجبائي فقد تضمنت مجلة معاليم التسجيل والطابع الجبائي التسجيل بالمعلوم القار المحدد بـ 20 دينار عن كل صفحة للهبات الممنوحة للدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية والهبات المسندة في إطار التعاون الدّولي لفائدة المنشآت العمومية والجمعيات المحدثة طبقا للتشريع الجاري به العمل وكذلك جميع العقود المموّلة بموجب هذه الهبات.

وفي إطار تشجيع القطاع الخاص على تمويل المؤسسات أو المشاريع أو الأعمال الثقافية تم تمكين القطاع الخاص من الانتفاع بالطرح الجبائي بعنوان الرعاية المسندة إلى المؤسسات أو المشاريع أو الأعمال ذات الصبغة الثقافية.

وبالنسبة لشرط الانتفاع بالإجراء هو حصول المؤسسات أو المشاريع أو الأعمال ذات الصبغة الثقافية على مصادقة وزارة الثقافة والمحافظة على التراث، وكذلك خضوع المانح للضريبة على الدخل أو الضريبة على الشركات طبقا للنظام الحقيقي مع ضرورة إرفاق التصريح السنوي بالضريبة على الدخل أو الضريبة على الشركات بقائمة مفصلة للرعايا المسندة مع بيان المنتفعين بها والمبالغ المسندة لفائدتهم.

وفي إطـار تشجيع استثمارات المساندة تتمثّل الامتيازات في الإعفاء من المعاليم الديوانية وتوقيف العمل بالأداء على القيمة المضافة بعنوان التجهيزات الموردة والتي ليس لها مثيل مصنوع محليا وتوقيف العمل بالأداء على القيمة المضافة بعنوان التجهيزات المصنوعة محليا كذلك الضريبة على الشركات بنسبة 10% بصفة دائمة ومتواصلة (طرح 30% من الضريبة على المداخيل بالنسبة للأشخاص الطبيعيين) وكذلك طرح جبائي في حدود 50% من الأرباح الخاضعة للضريبة بعنوان الأرباح المعاد استثمارها مع مراعاة الضريبة الدنيا.

ولذلك لابدّ من اعتبار الاستثمار في قطاع الإنتاج والصناعات الثقافية من الأولويات الوطنية الواجب تشجيعه من خلال إسناده امتيازات جبائية ومالية تحفز القطاع الخاص على إحداث المؤسسات في هذا المجال.

بالإضافة إلى وجوب مواصلة دعم الاستثمار في القطاع الثقافي بمناطق التنمية الجهوية من خلال امتيازات وحوافز إضافية  مع توسيع قائمة الأنشطة المعنية.

رجب اللومي (رئيس الجمعية التونسية لصيانة المتاحف والمعالم الأثرية)

DSC_1743 site

«دور الرعاية الثقافية في النهوض بالإبداع وتثمين التراث»

تمثّلت مداخلتي في الحديث عن الرعاية الثقافية وما جاء به قانون 2014 من تشجيعات جبائية لرعاية الثقافة والتراث فهو قانون خاص لما يعطيه من امتيازات كبرى وفي تونس سجلنا تحسنا كبيرا في هذا الاتجاه لذا نتمنّى من رجال الأعمال والجمعيات الوعي بهذا الانجاز كما أنه في مادة القيمة المضافة هناك تشجيع كبير حيث أن الجمعية التي تملك مشروع مموّل من تمويل خارجي لا تدفع آداءات القيمة المضافة وهذا الاتجاه يدعّم ربح الجمعيات لتمويل مشاريعها كما أنه هناك توصيات مطلوبة من الإدارة لتطوير الرعاية الشعبية لأنّ الرعاية هي الدعم دون مقابل من المستفيد في سياق أنشطة المصلحة العامة وتوسيع مجالات الثقافة والتضامن والبحوث والتعليم والابتكار والبيئة. كما أنّ الرعاية هي عمل نبيل لتطوير التراث وهي عمل بسيط في متناول جميع الأفراد والشركات. وتمكّن هذه الآلية من تحفيز الأشخاص الطبيعيين والمؤسسات الاقتصادية والمستثمرين على تمويل المشاريع والمؤسسات ذات الصبغة الثقافية.

وقد عرفت هذه الآلية تطورا كبيرا في الدول الغربية (فرنسا، ألمانيا، إيطاليا،…) وبعض الدول العربية (قطر، المغرب،…) ومكّنت من تمويل العديد من البرامج والمشاريع الثقافية والمحافظة على التراث.

ويعتبر العارفون بالمجال الثقافي لدور المؤسسات والأعمال والمشاريع الثقافية من أهمية في ترسيخ قيم الحق في الثقافة وصقل المواهب وتأطيرها في مختلف الميادين الإبداعية وفي مختلف الجهات خاصة منها الداخلية التي تفتقر إلى بنية تحتية ثقافية ملائمة، على غرار المكتبات العمومية ودور الثقافة والمراكز الثقافية والفنية والمتاحف.

و في سياق آخر، حيث أنّ التمويلات العامة للجمعيات أصبحت نادرة بطريقة متزايدة، ولتعزيز جهود الدولة في مهامها ذات المصلحة العامة فالرعاية تنتهج طريقة جديدة في التمويل للعمليات الثقافية والبشرية والبيئية للفرد أو للشركة… وجذب استثمارات القطاع الخاص في المجالات المذكورة أعلاه والتي يمكن أن تكون مصدرا للثروة وفرص عمل لجميع المناطق بتونس.

وهناك تدابير وأنظمة ضريبيّة جديدة للجمعيات من بينها إيقاف ضريبة القيمة المضافة إذ وفقا للتشريعات المعمول بها بتمويل من منحة في إطار التعاون الدولي يمكن أن يتحقق عن طريق الإعفاء من ضريبة القيمة المضافة وذلك في ضوء شهادة صادرة عن مكتب المراقبة الضريبية.

وفي الختام نودّ تكوين بعض هذه الاقتراحات:

– لابدّ من الإرادة السياسية والتزام حقيقي لتطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وإطلاق حملة توعية لموظفي القطاع العام وممثّلي المجتمع المدني حول هذه الشراكة التي لا يمكن ، تحقّق إلّا الفوز.

– يجب مراجعة مجلة التراث مع إدراج جميع المهن المتعلقة بالثقافة والتراث ضمن مجلة الاستثمارات الجديدة.

– إنشاء إطار قانوني للرعاية للتعريف بها ممّا يمكّن من تمييزها عن غيرها.

– الإسراع في إصدار دليل عملي للرعاية.

– السماح للأفراد خصم الرعاية الممنوحة للجمعيات من الدخل الخاضع للضريبة (الخصومات المشتركة).

– تمديد إيقاف ضريبة القيمة المضافة على كل التمويلات الأجنبية وكذلك المحلية.

لابدّ من تمويل المؤسسة التونسية من خلال الأموال الموجودة بالبنوك والممتلكات المهجورة وهي التي تساهم في تأسيس تونس.

– تشجيع المجتمعات لإنشاء المؤسّسات.

الإسراع في نشر معايير المحاسبة في الجمعيات.

– نشر ثقافة مواطنة الشركات من خلال تطوير شراكة مع المنظمات والهيئات المهنية كالاتحاد العام التونسي للشغل و اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والاتحادات والمهندسين المعماريين والأطبّاء والمحامون ومهنيّين في المحاسبة وجميع مهن الإرشاد المتعلّقة بالمؤسسة…

– مساعدة الأكاديمية على نشر ثقافة الرعاية.

رياض الحنشي (ممثل البنك التونسي للتضامن)

«دور المنظومة البنكية في تمويل المشاريع الثقافية»

إنّ البنك التونسي للتضامن مؤسسة قرض متخصص في تمويل المشاريع الصغرى يتضمّن رأسماله 40 م د(54% في القطاع العام و46% في القطاع الخاص) ويستهدف حاملي الشهادات العليا وخرّيجي مراكز التكوين المهني وأصحاب الكفاءات المهنية كما يمنح تمويلاته في شكل قروض قصيرة أو متوسطة المدى لاقتناء معدات و تجهيزات خاصة بالمشروع أو لتغطية حاجيات من المال المتداول.

تتراوح مدّة القرض بين سنة و 11 سنة ومدة الإمهال تتراوح بين ثلاث أشهر وسنة واحدة ويبلغ الحد الأقصى لحجم الاستثمار بصفة عامة 100 ألف دينار و15 ألف دينار لفائدة حاملي الشهادات العليا يصرف مباشرة لحساب المزودين.

كما أنّه بالإضافة إلى الإسهامات المباشرة فإن لتدخلات البنك عديد الإسهامات غير المباشرة على تنشيط الدورة الاقتصادية من خلال حجم الإعتمادات التي يتم صرفها عن طريق المزودين بالنسبة لاقتناء التجهيزات لفائدة الباعثين والمقدرة بحوالي 70 م د سنويا (أكثر من 3 آلاف مزود) وعدد المحلات التي يتم استعمالها لتركيز المشاريع الجديدة (أكثر من 5 ألاف محل سنويا) ومرافقة برامج التكوين والإدماج لحاملي الشهادات العليا.

أمّامليم بجميعبنك في علاقته بالتنشيط الثقافي والسياحي وإنشاء وتجهيز حدائق ترفيه وألعاب للأطفال فقد بلغ العدد الجملي لهذه المشاريع 723 مشروع ويوفّر 1451 موطن شغل بتكلفة إجمالية للاستثمار تقدّر ب9.710.306 مليم  بجميع ولايات الجمهورية ونلاحظ أنّ هناك ضعف في عدد مطالب حاملي شهادات التعليم العالي بالولايات الداخلية حيث لا تتجاوز 18% من مجموع المطالب الواردة على البنك بهذه الولايات ولا تتجاوز حصّتهم من مبلغ القروض  28% مقابل  39% بباقي الولايات.

وبعد أن تركزت جهوده خلال السنوات الأولى من إحداثه على الاستجابة للطلبات الكمية من التمويلات لمختلف الشرائح العمرية في مختلف القطاعات والجهات، فإن مقتضيات المرحلة القادمة تستوجب من البنك التونسي للتضامن وضع إستراتجية جديدة تقوم أساسا على دعم مختلف الجوانب النوعية في تدخلاته وأنشطته بصفة عامة وإكسائها النجاعة اللازمة.

أمام هذا التنوع الكبير والنشاط المتواصل وبروز مؤسسات المجتمع المدني ثقافيًا وفنيا وزيادة الاهتمام من جهات أخرى على مستوى الآثار والمتاحف والسينما والفنون المختلفة بات من المهمّ النظر إلى مجمل ذلك من خلال الأبعاد الاقتصادية ودخول رجال الأعمال في هذه المنظومة الواسعة من خلال مفهوم الاستثمار الثقافي من ناحية أو بالدعم والرعاية للمناسبات والأنشطة المختلفة لخدمة المجتمع والارتقاء بشرائحه المختلفة والاستفادة من الاهتمام الكبير لهذه الشرائح.

لذلك فقد شهد هذا اليوم الدراسي اكتضاضا في القاعة لكن من فئة الفنّانين والمثقّفين وشهدا غيابا للطرف الرئيسي وهو المستثمر ورجل الأعمال ممّا أحبط من عزائم الحضور والتعبير عن استيائهم لهذا الغياب.

Read Previous

الإختفاء القسري: زهير مخلوف يفضح الإخلالات الواردة في تقرير سهام بن سدرين

Read Next

التشغيل في القطاع السياحي بين هشاشة القطاع وقانون مجلة الشغل

Leave a Reply

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

Most Popular

A la une!