شهدت العلاقات التونسية القطرية دفعا مهمّا من خلال زيارتي رئيس الحكومة السيد الحبيب الصيد ورئيس الجمهورية السيد الباجي قائد السبسي على التوالي لهذا البلد الشقيق ممّا أفضى الى تفاهمات على تفعيل الاتفاقات بين البلدين ودعم العلاقات ودفعها الى المستوى المرجو بين تونس وقطر.
ونظرا لأهمية المعاملات القائمة بين البلدين والتي يمكن أن ترتفع إلى مستوى أحسن بكثير ممّا هي عليه الآن ونظرا لأهمية الزيارتين التي ذكرناها وما تضمنته من وعود لتطوير العلاقات بين البلدين دون أن ننسى أهمية الجالية التونسية المقيمة بقطر والتي ارتفع عددها في السنوات الأخيرة 4 مرات، أجرينا الحديث التالي مع سعادة سفيرنا بالدوحة السيد صلاح الصالحي الذي أجاب بكل رحابة صدر على أسئلتنا:
في ظل الوضع الحالي يبدو أن هناك غيابا في التبادل التجاري بين تونس وقطر، فهل هناك مساع لدفع هذا التبادل؟
شهد حجم المبادلات التجارية بين البلدين سنة 2015 وبداية 2016 تطورا ملحوظا مقارنة بالسنوات الفارطة وخاصة على مستوى الصادرات التي تضاعف حجمها سنة 2015 اكثر من ثلاث مرات حيث ارتفعت إلى مستوى قرابة 20 مليون دينار (هي حجم الصادرات التونسية إلى قطر والمتمثّلة في التمور وزيت زيتون وغلال وخضر وقوارص ومنتوجات بحرية ومواد بناء ومعدات كهربائية وكوابل والأليمنيوم والأسلاك المجدولة…) مقارنة بسنة 2014 حيث كان مستوى هذه المبادلات لا يتعدّى 6.3 مليون دينار ومن المتوقع أن يتواصل هذا التطور في الفترة القادمة. وقد بلغ حجم المبدلات التجارية بين تونس وقطر سنة 2015 حوالي 50 مليون دينار (أي حجم الصادرات والواردات ليكون بذلك حجم البضائع القطرية الموردة إلى تونس 30 مليون دينار والمتمثّلة في المواد الأولية البلاستيكية وزيت البترول والألمنيوم وألواح وصفائح ولفات وأشرطة…).
إلا أن هذه الأرقام تظل دون ما يتوفر بالبلدين من امكانيات وفرص للتبادل التجاري، ويعود ذلك إلى بعض الاسباب الموضوعية ومن أهمها ارتفاع كلفة النقل بين البلدين في غياب خط بحري يربط تونس مباشرة بدول الخليج، بالإضافة إلى منافسة البضائع الآسيوية والاختلاف بين مواصفات الانتاج في بلادنا وتلك المعتمدة في منطقة الخليج.
أصبحت قطر من الدول المانحة والمساهمة في تمويل الاقتصاد التونسي سواء بالهبات أو بالقروض فهل أنّ هذا التوجّه سيتواصل؟
دعم دولة قطر لتونس منذ الثورة متميز وبارز وما يزال متواصلا بقطع النظر عن طبيعة الأطراف السياسية التي تحكم البلاد. ويتجلى هذا الدعم في تقديم مختلف المساعدات المالية واللوجستية سواء في شكل هبات أو قروض وتمويل مشاريع حكومية وخيرية. وقد بلغ حجم التعاون المالي بين تونس وقطر خلال السنوات الثلاث الماضية ما يفوق مليار دولار أمريكي. بالإضافة إلى الاستثمارات القطرية في العديد من المجالات ولاسيما في قطاعي الخدمات والفلاحة، والتي تقدر بأكثر من ملياري دينار. إلى جانب ذلك يساهم صندوق الصداقة القطري التونسي (79 مليون دولار) في تمويل مشاريع للشباب التونسي مما أتاح إحداث قرابة 5 آلاف موطن شغل مباشر.
وقد كانت زيارة رئيس الجمهورية السيد الباجي قايد السبسي يومي 18 و19 ماي 2016 إلى الدوحة مناسبة أخرى أعرب خلالها المسؤولون القطريون عن استعدادهم لمزيد تطوير العلاقات بين البلدين وتقديم الدعم اللازم للاقتصاد التونسي. واستجابوا في هذا الصدد لجملة من المقترحات التونسية تهم التعاون المالي بالإضافة إلى المبادرة القطرية بالدعوة لتنظيم مؤتمر دولي لدعم الاقتصاد التونسي.
تشكو تونس من بطالة الكفاءات حيث يعدّ أصحاب الشهائد العليا بمئات الآلاف، فهل من سعي لانتداب بعض خرّيجي المعاهد العليا التونسية للعمل بقطر؟
تستقطب دولة قطر عددا كبيرا من الكفاءات التونسية في إطار التعاون الفني في مختلف المجالات لاسيما في قطاعات الصحة والتعليم والرياضة والطاقة والإعلام. وقد تضاعف عدد التونسيين المقيمين بدولة قطر أربع مرات خلال الخمس سنوات الأخيرة ليبلغ هذه السنة قرابة 20 الف مقيما من بينهم أكثر من 7 آلاف إطار في القطاعين العام والخاص. وقد عبر الجانب القطري عن استعداده لمزيد استقدام التونسيين خلال السنوات القادمة.
وضعية الجالية التونسية في قطر: كيف تكون تعاملاتهم وفيم تتمثل تجارتهم وكيف يكون اتصالهم بتونس؟
تتمتع الجالية التونسية المقيمة بدولة قطر بسمعة طيبة ويُعترف لها بكفاءاتها ومهنيتها، ورغم ظهور بعض الصعوبات في المدة الأخيرة،والتي تعود بالأساس إلى تزايد أعداد الوافدين التونسيين من غير أصحاب الشهائد العلمية والمهنية العليا وكذلك بعض ضحايا عقود العمل الوهمية، فإن السلطات القطرية تتفاعل بكل ايجابيةمع مساعي السفارة لدى الجهات المختصة لتسوية هذه الوضعيات.
كما يتمتع أفراد الجالية التونسية بقطر بتواجد مدرسة تونسية بالدوحة تدرس ابناء الجالية ابتداء من الروضة إلى شهادة الباكالوريا، وتعتمد المنهج التربوي التونسي.
كما يوجد مجلس للجالية منتخب من قبل التونسيين المقيمين، يعاضد مجهود السفارة في الإحاطة بالجالية وتنظيم ندوات وأنشطة ثقافية وفنية لفائدة التونسيين بقطر.
هل هناك امكانية بعث غرفة تجارية تونسية قطرية أو جمعية للصداقة التونسية القطرية وهل فكّرتم في بعثها؟
هناك مجلس لرجال الأعمال تونسي قطري، وقد عقد اجتماعه الثالث بالدوحة يوم 17 ماي 2016، بمناسبة زيارة السيد رئيس الجمهورية إلى قطر.
وعرض وفد رجال الأعمال التونسي خلال هذا الاجتماع على نظيره القطري جملة من المشاريع في القطاع الخاص تهم أساسا مجالات الفلاحة والصناعة والسياحة ووعد الجانب القطري بدراستها والنظر في إمكانية المساهمة في تمويلها وإنجازها.
كما تربط بين الهياكل الممثلة لرجال الأعمال وغرف التجارة في البلدين اتفاقيات تعاون ثنائي تهدف إلى الاستفادة من الفرص والإمكانيات المتاحة في كل من تونس وقطر للاستثمار والتصدير.
هاجر عزّوني