الحكومة التونسية تعي جيدا أهمية الدور الذي تضطلع به الإدارة وفي هذه المرحلة الحساسة بالذات التي تمر بها البلاد، وهو السبب الذي دفع رئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى وضع إصلاح الوظيفة العمومية ضمن قائمة أولوياته.
وفي هذا السياق، نظّم المعهد العربي لرؤساء المؤسسات الدورة الثالثة للمنتدى التونسي الاقتصادي بمقره، هذا المنتدى هو تظاهرة دولية تسلط الضوء على المحاور الرئيسية للاقتصاد لمزيد التفكير والعمل وكسب الرهانات في هذا المجال. فهو مناسبة تجمع الخبراء والسياسيين وصنّاع القرار ورؤساء المؤسسات وممثّلي المنظّمات الدولية لإثراء النقاش وإيجاد الحلول اللازمة.
هذه الدورة سلّطت الضوء على عدّة محاور مركزية تهمّ الإدارة والحكومة والسعي نحو ايجاد استراتيجية توافقية بين الطرفين الى جانب مراجعة أداء الادارة لكونها عنصر أساسي في التنمية الاقتصادية وذلك من خلال التطرّق الى « قياس أداء الإدارة العامة» و «كيفية التصرف في الإدارة من خلال إعادة توزيع الموارد البشرية وتحفيز المديرين» والسعي إلى فرض «إدارة لامركزية ناجعة» وخلق «علاقة جديدة بين الحكومة والإدارة» الى جانب السعي نحو «تحسين إدارة الشركات العمومية».
وقد جمعت هذه التظاهرة عددا من الخبراء المختصّين وشخصيات سياسية وتمّ الافتتاح الرسمي من طرف الناطق الرسمي باسم رئاسة الحكومة إياد الدهماني وبحضور بعض الوزراء.
ونظرا لأهمية هذا الموضوع ننشر مداخلات الحاضرين من خبراء ومسؤولين:
أحمد بوزقندة (رئيس المعهد العربي لرؤساء المؤسسات)
اخترنا تنظيم الدورة الثالثة للمنتدى التونسي الاقتصادي تحت عنوان «اصلاح الادارة العمومية من أجل آداء أفضل» وما دفعنا الى محاولة التعمق في هذا الموضوع نسبة النمو الاقتصادي الضعيفة جدّا ومن أهم العوائق التي تحول دون تحقيق نمو جيّد التعقيدات الادارية وبطئ الادارة، وهذه الاسباب جعلتنا نقتنع أنّ الوقت قد حان للقيام بدراسة حول الاصلاح الاداري المزمع القيام به.
وهذا الاصلاح الاداري حسب ما خلصنا اليه يجب أن يتم من خلال أربعة محاور، يتضمّن المحور الاول إعادة توزيع الموارد البشرية وتحفيز المديرين حيث نعلم أن الادارة في السنوات الاخيرة مثقّلة بانتدابات عشوائية وعدم التوافق او التكامل بين متطلبات الوظيفة وكفاءات المنتدبين، أيضا ببطئ في القرارات، لذا لابد للإدارة اليوم ان تستقطب المهارات وتحافظ عليهم من خلال توضيح الاهداف والمنهجية المتوخاة وإسناد سلطة أكبر للمديرين ووضع آليات لتطوير الأداء ومن اهم هذه الادوات وضع نظام جديد للأجور، لأنّ مدير الادارة حاليا يتقاضى أجرا لا يتناسب مع مسؤولياته فلابد من السعي الى ترسيخ ثقافة النتائج ليس فقط الوقوف عند النظام الهرمي. أمّا المحور الثاني فيتمثّل في ارساء «علاقة جديدة بين الحكومة والإدارة» حيث نرى أن الاصلاح الاداري مهم وجدّ حسّاس من خلال العلاقة بين الحكومة والادارة، لذا لابدّ من التوجّه نحو الفصل بين القرارات او السياسات العمومية التي هي من مهام الحكومة فهي تقوم بوضع هذه السياسات من خلال ايجاد موارد للقيام بهذه السياسات بينما عملية التنفيذ تتم من قبل الادارة. بالإضافة الى الشركات العمومية التي تعدّ امتدادا للدولة لكن آداءها يكون من خلال إسداء خدمات للمواطن والبحث في اكتفاء المواطن من هذه الخدمات الى جانب وجوب أن تكون هناك حوكمة رشيدة لهذه الشركات العمومية ولابد ان تكون لها أهداف ومنهجية ومخطط والسعي الى تحقيقها لأنّ لكلّ مدير أهداف خاصة بالادارة التي ينتمي اليها. أمّا المحور الرابع فيحمل عنوان «من أجل إدارة لامركزية ناجعة» حيث سنُقبل على انتخابات بلدية لذا لابدّ من التطرّق الى العلاقة بين الادارة المركزية والادارة المحلية وبين الادارة المحلية والسلط الجديدة التي سيقع انتخابها.
مهدي بن غربية (وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان)
في هذا المنتدى تطرّقنا إلى محور العلاقة بين الحكومة والإدارة، ففي البدء لابدّ من القول بأنّ نظام الإدارة المحلية قديمٌ لازم البشرية منذ أقدم العصور، ويعود وجوده إلى العهود التي توسعت فيها حدود الدولة، والتي لم تعد مقصورة على إدارة مدينة واحدة، وإنما امتدت لإدارة أقاليم ومدن تلك الدولة، والذي يتطلب وجود ممثلين للحكومة المركزية إضافة إلى الحكام الثانويين للدولة، بغية تخفيف العبء عن كاهل الحكام الأصليين في العاصمة أو المركز.
والهدف من هذا المنتدى هو المعرفة الدقيقة للمفاهيم الخاصة بالإدارة المحلية، وتحديد نوعية العلاقات بين الحكومة المركزية والإدارة المحلية، إضافة إلى الوصول إلى التعاون الحقيقي بين هاتين الإدارتين للقيام بأداء الخدمات للمواطنين جميعاً، بطريقة سهلة ويسيرة ومنخفضة التكلفة.
ان علاقة الحكومة بالادارة هي نفسها في علاقتهما بعد الثورة، فالادارة مهمة لاستقرار البلاد والحفاظ على الدولة في 14 جانفي 2011 والادارة هي التي كانت تعاني من السلطة قبل الثورة وهي الى اليوم بها عدّة ظواهر خاصة من خلال التضخّم في عدد العاملين بها ووضعية الأجور المسدات لموظفيها الى جانب تداخل عوامل حوكمة وسط الادارة من هيئات المستقلة واحزاب لذا لابدّ اليوم من اصلاحات وخاصة منها اصلاح الوظيفة العمومية والذي يكون من خلال تقليص عدد العاملين بالوظيفة العمومية وخلق وظيفة عمومية عليا تخلق عدّة فوائد إضافة الى فرض لامركزية الادارة من خلال تكوين أوضح ومنظم ومهيكل خاص بالادارة.
وبالتالي فإنّ الهدف المنشود يكون من خلال التعاون البنّاء بين الحكومة المركزية والإدارة المحلية، وإلى ضرورة توحيد المصطلحات الخاصة بالإدارة المحلية من ناحية وإلى المصطلحات الخاصة بالعلاقات، وضرورة توحيد الجهات المركزية التي تمارس الرقابة، وتحديد الموارد المالية الذاتية المحلية بصورة واضحة وموسعة بغرض تثبيت الاستقلال النسبي للإدارة المحلية فعلياً، وأخيراً ضرورة زيادة الوعي للمواطنين بغية تحقيق التعاون المنشود نحو وجود مجتمع راق ومتميّز.
وفاء سلامة (مستشارة المصالح العمومية بوزارة المالية)
تعلّقت مداخلتى بكيفية خلق ادارة لامركزية ناجعة وقادرة على الاستجابة لتطلّعات كل الأفراد وقد يتهيّأ للناظر أنّ المحور نظريّا فقط بينما هو مجموعة مقترحات لابدّ من تطبيقها.
ولإنشاء إدارة ناجعة لابدّ من التفريق بين ما هو سياسي وما هو إداري لأنه كانت هناك إشكالات في الجانب السياسي لابد أن تكون هناك خدمات ومصالح عمومية قادرة على التعامل مع المواطنين وإجابتهم عن تساؤلاتهم فيما يخص تلك الاشكالات وتقديم الخدمات مهما يحدث. ويظهر ذلك الفرق من خلال القيام بسياسات عامة على المستوى المحلّي من خلال تنظيم قطاع الصحة مثلا وماذا سيوجد به ومرافق القرب والمقاييس المتوخّاة بالنسبة للمرأة وللشباب وللطفولة كذلك في خدمات النظافة لكن هذه السياسات ليست الحكومة التي ستنفذها بل هي الادارة وبصفة فاعلة لذا لابدّ للتشارك بين الحكومة والادارة وبالتالي يكون هناك تفاعل، والتفاعل يكون من خلال التصرّف حسب الأهداف أي التصرّف المبني على النتائج، وهو ليس بالتصرّف الميزانيّاتي بل هو التصرّف الكامل على مستوى النتائج لذا حين يتمّ مخطّط التمويل على مستوى الهيئة حيث سيجتمع المستشارون البلديون مع الوظيفة العمومية العليا بالبلدية والاتفاق حول جملة من البرامج مثل برنامج النظافة وبرنامج دعم الصحة وكذلك برنامج التهيئة العمرانية وبالتالي بسط الأهداف المرجوّة من خلال المخطط المقدّم والأنشطة التي ستقام من خلاله بالاستناد الى مؤشرات النجاعة الثلاثة (النظافة والصحة والتهيئة الترابية) وتكون هي مقياس طريقة العمل ومعرفة ان وقع الالتزام بالواجب المكلّف انجازه، وعلى اثر هذا الحوار والذي نسمّيه بحوار التصوّر حينئذ تصبح الوظيفة الادارية العليا على المستوى المحلّي هي التي ستقوم بقيادة الادارة وبقية الاداريين لتنفيذ تلك البرامج وبالتالي للوصول الى تحقيق النتائج المرجوّة عن طريق مؤشرات النجاعة المذكورة.
لتحقيق ذلك لابدّ من اعادة تنظيم الادارة المحلية على مستوى هيكلتها أي لا نجد ادارة الموارد البشرية على حدة وإدارة المحاسبية أيضا على حدة وسنجدها منظمة حسب البرامج فمثلا برنامج النظافة له كلّ مكوّناته كقسم التقنيين وكذلك لهم قسم الخدمات المشتركة للدعم لمساندتهم على المستوى الاداري لكننا اليوم نلاحظ أنّ الاداريين هم الذين يشكلون النسبة الأكبر إذ نجد تقريبا 80 بالمائة من الموارد البشرية على مستوى البلديات متكوّنة من اداريين أو عملة بينما قسم الخدمات التقنية والتي ستقوم بتخطيط البرامج لا تفوق نسبتهم 11 بالمائة لذا لابد من قلب هذه النسبة حين تكون الادرات مبنية ومهيكلة على اساس البرامج وبالتالي تكون بحاجة الى دعم تلك البرامج بالتقنيين الأكفاء والقادرين على الخروج بمخطط تنموي ناجع وبالتالي انتداب هؤلاء على اساس فكرة مهن وليس على اساس فكرة أسلاك كما هو الحال الآن غير معروف هدفها وبالتالي تصبح الوظيفة مبنية على اساس المهن التي تحتاجها الجماعة المحلية لتنفيذ البرامج التي وقع الاتفاق حولها كما أنّ التصرّف في الموارد المالية بالنسبة لها يكون تصرّف مبني حسب النتائج أي الاموال تكون لغاية العمل عليها عند الحاجة فمثلا حين تطلب الادارة او رئيس البلدية أموال من المجلس البلدي لا يجب تقديم أسباب شفاهية غير واضحة بل يكون الطلب من خلال تفسيرات للسبب من اختيار تلك النسبة من الاموال ليشكّل اشعاعا جهويّا ويمكن بفضله مثلا استقطاب الاطفال ويعطي متنفّسا وبالتالي يكون البرنامج حاملا لأهداف اجتماعية لأنها تعتمد خدمة القرب كبناء ملعب لاستقطاب الشباب وتنمية الجهة ومن خلال ذلك المخطط يمكن طلب الدعم المالي وفي آخر السنة من اسناد الدعم المالي تكون المساءلة عن نتائج صرف الدعم وكيفية انفاقه فتصبح هناك محاسبة مبنية على قدرة الفرد وكفاءته وبالتالي البرنامج المقترح هو الذي يساعدك على الدخول ضمن مستوى القيادة ومن هنا تأتي المساءلة المبنية على أسباب واضحة وملموسة ومعطيات وبالتالي يكون رئيس البلدية والادارة يسعون الى تحقيق نتائج ذلك البرنامج لأنها تعتمد وسائل رقميّة مفتوحة يمكن الاطلاع عليها ويمكن تتبع الصفقة او البرنامج من بدايته الى النهاية على اثر المساهمة في الأداء البلدي وبالتالي يمكن للمواطن من خلال هذه الطريقة الرقمية من استخراج كلّ الوثائق حول سير البرنامج ومعرفة المصاريف المالية وطريقة صرفها أين مسارها بل تساعد المواطن من التثبت من الفواتير، وبالتالي السماح للمواطن بالنفاذ للمعلومة للقضاء على نسبة كبيرة من الفساد حيث تكون كلّ المخططات ظاهرة وشفافة ويصبح المواطن على علم بأمواله بالبلدية أين تُصرف وبالتالي يشعر وأنّ المشاريع المنجزة تخصّه من خلال المساهمة فيها وبالتالي دعم تلك البرامج المقترحة فحين يشعر المواطن بالاكتفاء من خلال الوعود المنجزة يدفعه ذلك استخلاص آداءاته بترحاب ويصبح الفضاء رحبا لممارسة مواطنته وبالتالي يحافظ على تلك المشاريع المنجزة، وبالتالي يضع الواطن البلدية في موضع المساءلة إذا لم تفي بوعودها وهنا يبرز دور منظمات المجتمع المدني خاصة تلك المختصة في تتبّع انجازات البرنامج المقترح والوصول الى المعلومة عن طريق تلك الطريقة الرقمية والنفاذ للمعلومة دون أن يطلبها من الادارة أي دون التقدّم بمطلب نفاذ وبالتالي له الحق في الاطلاع على نشاط البرنامج وطريقة صرف الاموال وكيفية انجاز الصفقات وان وُجدت اشكالية بصفقة ما يمكنه معرفة معرفة سبب التعطّل حيث تتم العملية بطريقة اتصالية واعلام المواطن للتثبت وبالتالي ينقص الفساد ليس عن طريق الرقابات ولا بتكبيل المتصرّف ولا أن يعود كل قرار للإدارة المركزية ويصبح كلّ معلومة على ملك الجميع.
مختار الهمّامي (مدير عام الجماعات المحلية بوزارة الداخلية)
تضمّنت مداخلتي تعريفا للّامركزية ومسارها لأنّ الدستور وقع كتابته والسلط المحلية تعرفه وقد أعددنا الآن قوانين الانتخابات مع مجموعة من الخبراء ووقع نشره وستنتظم الانتخابات في 17 ديسمبر المقبل وأتممنا صياغة مشروع لمجلة الجماعات المحلية الذي يرتكز على المبادئ التي صدرت بالدستور كمبدأ التدبير الحر ومبدأ التضامن ومبدأ اتخاذ القرار من طرف البلديات في خضم الشفافية واردنا اليوم اعطاء بعض هذه التوضيحات وعلاقتها خاصة بالإدارة المركزية والادارة اللامركزية.
وقد ذكرنا ان هذا المسار ليس بمسار لسنة أو سنتين بل يمتد على مدى سنوات 30 سنة على امتداد ثلاث مراحل وكل مرحلة تمتد على تسع سنوات وتلك التسع سنوات مقسمة على ثلاث مراحل لتقييم الاهداف التي تم استغلالها سواء في تحويل الاختصاصات او تحويل الموارد البشرية او الموارد المالية وكذلك لارساء ثقافة خاصة لدى المسؤولين عن تلك الاختصاصات من خلال تجسيمها وكذلك الوزارات التي ستقوم بتحويل تلك الاختصاصات مع العلم ان تحويل الاختصاصات يتم على مستوى مبدأ التفريع ويكون أقرب للاختصاص الممارس ويكون الأجدى ولكن ذلك الاختصاص في بعض الاحيان صعب تحويله من الوزارة مثل المؤسسة التي كان يندرج تحت اطارها لأنها تشكّل نقاط قوة لدى الوزارات المعنية واليوم يقع تحويل ذلك الاختصاص للميدان المحلي.
كذلك بالنسبة لوزارة المالية التي كانت تشتغل في اطار انظمة المراقبة الحينيّة لتصبح اليوم امام مبدأ المراقبة اللاحقة وبالتالي تحاول وزارة المالية تولّي هذه المراقبة التي فرضها الدستور دون المسّ بهيبة الدولة ووحدتها وكذلك تطبيقا للمبادئ الدستورية من خلال حرية التدبير والاستقلالية المالية وهذا من الناحية النظرية اما من الناحية الفعلية فإنّ اللامركزية هي في حقيقة الامر ليست القوانين فقط التي ستنظم هذه اللامركزية وانما الممارسة ففي كلّ ما سيتمّ اتخاذه في السنوات القريبة القادمة وخاصة السنوات الاولى ستتمّ المناقشته على نطاق واسع في الجهات وكوّننا نوع من العمل والتمشي للبدء في نقاشات واسعة في الجهات وبالذات في مراكز الجامعات وسيكون المجتمع المدني موجود بكثافة وكذلك الادارات الجهوية والمنتخبة لمناقشة خمس مسائل رئيسية، تتضمن المسألة الاولى كيفية التفكير في تطوير الموارد المالية وخاصة منها الذاتية لدى البلديات كيفية الاستخلاص من المواطن وعدم استغلاله الملك العمومي اما المسألة الثانية فهي مسألة توسيع الموارد البشرية بين الادارة المركزية والادارات الجهوية والادارة المحلية وهي مسألة كبرى تشتغل عليها الوظيفة العمومية وستأتي أُكلها لنقوم بمناقشتها سويّا.
اما المسألة الثالثة فهي تهم تحويل الاختصاصات من خلال البحث في امكانية تحويل كل الاختصاصات وبالتالي سيقتصر عملنا مبدئيا على خمس وزارات والتي بها عديد الاختصاصات ذات القرب والموجودة لدى وزارة الصحة خاصة ووزارة التعليم ووزارة النقل ووزارة التجهيز ووزارة البيئة.
هناك عديد الاختصاصات التي يراها المواطن قريبة منه بالبلدية وبالتالي فإنّ الإدارة المركزية ستتخلّى عن هذه الاختصاصات تدريجيا وهنا نجد تغيير ثقافة لدى المبدأ في تغيير الاختصاص وثقافة جديدة للبلدية او لمواطن كي يقدر على منافسة تلك الاختصاصات والحفاظ عليها وتقييمها لان في الدستور يوجد مبدأ المساءلة أي في صورة عدم انجاز عمل او الخطأ في انجازه تعاقب، وبالتالي تكون هنا المحاسبة وقد تكون المحاسبة بعدم تجديد انتخاب الطرف المخطئ وفي حالة التعدّي على المال العمومي أيضا تكون المحاسبة وذلك ليس لغاية التضييق بل لابد من ضمان حق المواطن وحق البلديات.
اما المسألة الرابعة فتتضمّن مسألة الاقاليم وهو ما لم نتطرّق له اليوم لأنّ الدستور نصّ على بلديّات ثمّ جهات ثمّ أقاليم ونحن اليوم لا نملك أقاليم لأنّ الاقليم هو مجموعة من الجهات وعدم التطرّق الى مسألة الأقاليم لأنه في اعتقادنا أنّ الاقليم هو تراكمات لعمل الجهات والجهة تكون مولود جديد في صبغته فللقدرة على تأسيس اقليم لابد للجهات ان تمارس بعض الصلوحيات والنظر فيما بعد في كيفية تجميع تلك الجهات لتكوين الاقليم، واليوم فإنّ الحديث عن أنّ تونس تملك 5 أقاليم وذلك غير كاف لابدّ من الممارسة وهناك دراسات ناجعة لأنّ معايير الاقليم لابد ان تكون به معيار سوسيولوجي وتكنولوجي واقتصادي وايكولوجي فاليوم قمنا بالتركيز على البلديات وتأتي فيمما بعد الجهات وإذا تحسّن الأمر حينئذ يكون ادراج الأقاليم.
هاجر عزّوني