تمر الحياة السياسية في البلاد بمرحلة صعبة شديدة الغموض نتيجة الحرية المبلغ فيها التي منحت إلى المواطنين…حرية احتكار الكثيرون في كيفية التصرف معها فالمنظمات الإنسانية اختلط عليها المشهد و انطلقت في الدفاع المستميت عن الأبيض و الأسود و في مهاجمة و بإصرار عجيب بقية الألوان الأخرى و في نفس الوقت أغمضت المنظمة الشغلية عينيها عن مجلدات قوانين الشغل و اندفعت في مناصرة هذا وذاك في محاولة لتعويض ما فات في سنوات كانت تلجم طموحاتها المبالغ فيها و كانت تساير تعليمات السلطة حتى في المناشدة لتجديد الفترة الرئاسية أما الأحزاب الكرتونية السابقة حلت محلها 217 حزب و كلها تدعي الثورية بينما هي في الجهالة تسبح و يتلخص نشاطها في النقد و في خطاب متشنج تطغى عليه نبرة الغضب الاصطناعي هكذا في المطلق و تتكرر خلالها كلمة »الفشل » و كأنها صاحبة مجهودات بناءة لفائدة المجتمع حتى أصبح لكل حزب يخرج من حين لآخر من أعماق الرماد و يتبنى قضية عامة علامة مميزة لعل أهمها رفض جهاز الدولة برمته و التظاهر بالعطف على حالة الناس المزرية…و في هذا الخصم من الضياع العام اختلط الحابل بالنابل و لم يعد المواطن الشريف يعرف الجانب الموالي للخير أو الطرف المنافق الذي يخفي الشرور في قوالب مزيفة و ما أكثر عددها منذ 2011 و ما أخبث سمومها فهي تدافع عن الإرهابيين و نلبسهم أزياء العاطلين عن العمل و تناصر المهربين و المحتكرين و المارقين عن القانون بحجة اضطرارهم لذلك أمام انسداد آفاق الاجتهاد بل إن منظمي رحلات الموت و الهلاك لهم من يساندهم من منظمات و أحزاب كرتونية بحجج ملفقة كلماتها تتناقض فيما بينها…
و هكذا و مع الأسف يقع العبث بالحرية التي تستعمل حاليا لتصفية حسابات وضيعة فهذا يريد تدمير ذاك و لا يهمه الأسلوب بل بذل كل ما وسعه من أساليب منحطة لتحقيق هدفه… الكل يحرث في البحر و يعتمد على فصاحة منجد التهجم و التخريب في وقت يهتز الركب بالجميع و لعل أسوأ صورة يلمع بريقها من البرلمان حيث استقرت اللامبالاة و الاستخفاف و المقاعد الشاغرة و الخطاب المستفز و المثير للنعرات و الغير مثمر…و هكذا يذكرنا بخرافة مصباح علاء الدين الذي أهدرت الطلبات المفيدة في مطالب صبيانية لا تنفع و لا تفيد و هذا ما يقع حاليا للحرية في بلادنا.
محمد الكامل