في الثلاثين من جويلية 2020 أسقط البرلمان التونسي لائحة تم إعدادها بغرض سحب الثقة من رئيسه. وكان قد تقدم بهذه اللائحة كل من الكتلة الديمقراطية و كتلة تحيا تونس، و الكتلة الوطنية و كتلة الإصلاح. و كانت الأسباب متعلقة بما آل إليه مجلس النواب آن ذاك إلى حلبة تتصارع فيها شتى الإتجاهات السياسية و الأفكار الإيديولوجية…
و من أجل سحب الثقة من رئيس المجلس يجب أن تمضي الأغلبية المطلقة من نواب الشعب على اللائحة المعدة للغرض، أي تحصيل عدد 109 صوتا. إلا أن لائحة 2020 كان مآلها السقوط و الرفض، و بالتالي استمرار الغنوشي رئيسا للبرلمان التونسي.
و لكن ما جد مؤخرا من أحداث فاقمت مشاكل البرلمان القديمة، الذي لم يتقدم خطوة واحدة في اتجاه الإصلاح، من ما جعل كل من لم يكن على استعداد للتصويت بالإيجاب على لائحة سحب الثقة من رئيس البرلمان، مستعدا اليوم للمصادقة عليها و إمضائها. خاصة و أن المجلس أضحى مرتعا للبلطجة و السباب و الشتائم و الاعتداءات الجسدية… و عليه يبدو أن الأغلبية الساحقة من الكتل مستعدة للوقوف في صف واحد من أجل تنحية راشد الغنوشي، خاصة و أن علاقته برئيس الجمهورية سيئة و متوترة جدا، إلى درجة نعت الغنوشي لقيس سعيد بصاحب السلطة الرمية. و قد صرح النائب عن الكتلة الديمقراطية « بدر الدين القمودي » بأن النواب قد بدأوا فعلا في الإمضاء على عريضة سحب الثقة، كما قال بأن بعض نواب قلب تونس مستعدين للإمضاء على هذه الوثيقة، من ما يعني أن بقيتهم يمكن استمالتهم للإمضاء أيضا.
أما عن كتلة الحزب الدستوري الحر فقد اشتهرت بعدائها الصريح و رفضها العلني لتواصل جلوس الغنوشي على عرش البرلمان.
بدأت لائحة سحب الثقة تمتلئ شيئا فشيئا. و لكن لا تزال خاتمة هذه القصة ضبابية، ذلك أن سحب الثقة يجب أن يتم عن طريق الأغلبية المطلقة من نواب الشعب، و إذا لم يتم حشد تلك الأصوات بالموافقة، فإن رئيس المجلس باق، و لا أحد في الوقت الراهن قادر على زحزحته عن عرشه.
فهل ستلتزم الكتل السياسية التي وعدت بسحب الثقة بوعدها؟ أم أن هذه الأصوات المتعالية لا تقصد ما تقول، خاصة تلك التي بينها و بين الغنوشي ود لا ينتهي.
بلال بو علي