جمعني اللقاء اليوم بالسيد محفوظ السعيدي الكاتب العام للنقابة الأساسية لأساتذة التعليم العالي ودكتور بالمعهد العالي للفنون بالقصرين وهو الدكتور المتحصل على شهادة الدكتوراة بالفلسفة، وكنا قد تطرقنا لموضوع مشروع القانون الأساسي الجديد لأساتذة التعليم العالي.
بيّن فضيلة الدكتور بان القوانين التقليدية الكلاسيكية المعمول بها سابقا كانت ولا زلت قوانين متكلسة متحجرة تأبى التماشي مع متطلبات الأكاديمية المعاصرة او منظومة التعليم العالي والبحث العلمي الحديثة وهي في المطلق قوانين عنصرية حسب قوله. وذلك نظرا للمدة الزمنية المطولة التي بموجبها يتحصل كل أستاذ جامعي على الترقية من مساعد إلى استاذ مساعد إلى استاذ محاضر. هذا بالإضافة إلى سلم التأجير الذي لايراعي في مطلق الأحوال هذه الترقيات إذ تظل الأجور متواضعة مقارنة برتبة الأستاذ الجامعي .
كما أوضح السيد محفوظ السعيدي أنه سيقع التنسيق مع كافة الأطراف والاطياف بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتفعيل مشروع القانون الأساسي الجديد لأساتذة التعليم العالي والذي ينص على تخفيض عدد السنوات للانتقال من رتبة إلى أخرى وسيتم ذلك عن طريق التأهيل البحثي عوض التأهيل الجامعي وتكون بذلك شهادة الدكتوراة هي الفيصل في سلم الارتقاء ومستوى التأهيل وعليه يرفض قطعيا إحباط الأساتذة الجامعيين من رتبة لأخرى.
وفي كل ما يتعلق بجودة التعليم العالي و إتقان التكوين بصلبه والاتجاه الواضح لخوصصة التعليم العالي كغيره من بقية القطاعات عبر السيد محفوظ السعيدي ان تدهور المنظومة التعليمية حاليا بوزارة التعليم العالي تنجم عن ميل للتجارة بالتعليم وهو ما عبر عنه «بالتلميذ او الطالب الزبون » الذي يرضخ إلى « الاستهلاك التفاخري » حسب قوله وهو ما ساهم بوضوح في ضرب المؤسسات الجامعية العمومية والمؤسسات التربوية العمومية على حد سواء وساهم في تغيير رؤية الرأي العام الذي يعتبر أن المؤسسة التربوية او الجامعية الخاصة قد توفر جودة افضل من حيث التكوين والتحصيل العلمي والأكاديمي.
كما شدّد فضيلة الدكتور على التمييز العنصري الذي يقع ضحيته الأساتذة الجامعيين المبرزين وغيرهم من إطارات التدريس باختلاف رتبهم وهم يتعرضون لتصفية عنصرية ممنهجة إذ يتعرض الأستاذ الجامعي المبرز إلى حرمان من الزيادة الخصوصية وذلك منذ 5 سبتمبر 2019.
وأضاف بان مثل هذه القوانين العنصرية بالتعليم العالي الكلاسيكي من شانها أن تخلق شرخا وزلزالا من الحقد بين مكونات الجامعة الأساسية وهي في مجملها قوانين لا تتماشى مع الوضعيات الإدارية بالمؤسسات الجامعية.
ومن بين مظاهر التمييز العنصري اعتبار الأساتذة المبرزين أساتذة غير باحثين مقارنة بالمتحصلين على ماجستير البحث مثلا إضافة إلى اعتبار كل من لم يتحصل على الدكتوراة كأستاذ لا ينتمي إلى التعليم العالي وهو فعلا فكر بربري عنجهي عنصري لا يرتقي إلى مستوى أكاديمي وعلمي متطور في مستوى اول و لا يرتقي لمستوى أخلاقي وإنساني بمستوى ثاني وبهذا الصدد أقر السيد حمادي المسعودي رئيس جامعة القيروان ان كل من يدرس بالتعليم العالي مهما كانت رتبته ينتمي إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتوجب على كل رئيس مؤسسة جامعية ان يتعامل مع مرؤوسيه على هذا الأساس وعدا عن ذلك توجب عليه تشجيع من لم يتحصل بعد على شهادة الدكتوراة وكل سلوك او ممارسة تخترق هذه المبادئ وتنم عن عنصرية أو تمييز أو تصغير من شأن المنظورين واحتقارهم هي خرق قانوني وانساني واخلاقي يعبر عن فكر بربري متوحش وعقد بسيكولوجية لدى هذه الفئة من الجامعيين ومشرعي هذه القوانين و لا يعكس مطلقا النخبة التي ينتمي إليها الجامعيين.
هذا وذكر السيّد الكاتب العام للنقابة الأساسية لأساتذة التعليم العالي أيضا أن الانتخابات أيضا سواء للمجالس العلمية او غيرها تتم بصفة غير عادلة وعليه توجب العمل على مراجعة جذرية لجملة قوانين الانتخابات كشكل من أشكال المواطنة و إدانة كل الممارسات العنصرية والقوانين ذات التصفيات العنصرية وتوحيد مبدأ التأجير على أساس نفس الشهادة وذلك لإنشاء جامعة الانفتاح التي تضم كل الأطياف باختلافهم و إرساء قوانين لا تخدم فقط مصالح الأقوياء بل تخدم مصالح الجميع وخاصة المهمشين والمستضعفين.
سهام الذايع