صادق مجلس نواب الشعب يوم الأربعاء 3 أفريل 2019 على مشروع القانون المتعلق بتنقيح وإتمام القانون عدد 12 لسنة 1985 المؤرخ في 5 مارس 1985 المتعلق بنظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد وللباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي، وذلك بعد أن كان هذا المشروع قد سقط في مرّة أولى عند التصويت عليه في نهاية العام الماضي ممّا استوجب إعادة عرضه على البرلمان مع إدخال تعديلات على بعض فصوله.
وحدّد مشروع القانون الذي نال موافقة 121 نائبا مقابل 11 احتفاظ ورفض 5 آخرين، سنّ الإحالة على التقاعد بـ 62 سنة وبـ 57 سنة بالنسبة إلى العملة الذين يقومون بأعمال منهكة ومخلّة بالصحة.
وينصّ في أهم فصوله على الترفيع في نسبة المساهمات بعنوان التقاعد بنسبة 3 بالمائة، يتولى المشغّل تسديد 2 بالمائة منها بداية من اليوم الأول للشهر الموالي لدخول القانون الجديد حيز النفاذ في حين سترتفع مساهمة الأعوان بنسبة 1 بالمائة بداية من شهر جانفي 2020 وستشمل هذه الزيادة الأجراء والمشغلين فقط ولن يتم احتسابها من جرايات المتقاعدين.
و
في هذا الاطار، بيّن المدير العام للضمان الإجتماعي بوزارة الشؤون الإجتماعية كمال
المدوري أن هذ القانون ينص على اجبارية الترفيع بسنتين في سن التقاعد سواء كانت في
سن 60 سنة كما هو معمول به غالبا أو أقل أو أكثر بسنوات بالنسبة لبعض القطاعات
الأخرى.
وأوضح أنه بالنسبة للأشخاص الذين سيحالون على التقاعد في الفترة الفاصلة
بين أول شهر جويلية 2019 الى 31 ديسمبر 2019، سيتم إضافة سنة واحدة لسن التقاعد
بصفة إجبارية، لتكون لهم بعد هذه السنة أي عند بلوغهم 61 سنة حرية الاختيار في
الزيادة في سن التقاعد، بسنة أو بسنتين أو ثلاث سنوات أو أربع سنوات، بعد التقدم
بمطلب في الغرض إلى المشغل.
وأضاف أنه بداية من أول جانفي 2020 سيكون الترفيع في سن التقاعد بسنتين
إجباريتين، وقبل بلوغ المتقاعد سن 62 سنة بستة أشهر، عليه أن يقدم مطلبا للمشغل
للتعبير عن رغبته في الترفيع في سن التقاعد إلى الحدود التي يسمح بها القانون.
وتضمّن القانون أحكاما انتقالية بالنسبة للأعوان الذين سيبلغون سن التقاعد
خلال الفترة الفاصلة بين تاريخ دخول القانون حيز النفاذ و30 جوان 2019 تمكنهم من
اختيار التمديد في سن التقاعد من عدمه.
كما نص القانون على أحكام انتقالية أخرى تهم أساتذة التعليم العالي وأساتذة
الطب الاستشفائي، بالنظر إلى حاجة البلاد الملحة للمحافظة على هذه الكفاءات، بما
أن السن القانونية للتقاعد الخاصة بهم هي 65 سنة ليتم الترفيع في سن تقاعدهم الى
حدود 67 سنة.
وأبرز المدوري أن كل سنة إضافية للتقاعد لها مردودية مالية بنسبة 2
بالمائة، موضحا أن المشغل ليس له أي سلطة تقديرية لرفض مطالب التمديد في سنوات
التقاعد وعليه إحالة هذا المطلب بصفة آلية الى الصندوق الوطني للقاعد والحيطة
الاجتماعية.
وبيّن ايضا أن القانون لا يسمح للأجير بالتراجع عن المطلب الذي تقدم به أو
تعديله بزيادة او تقليص في سنوات التقاعد باعتبار ان الاختيار الذي تمّ اعتماده
نهائي وغير قابل للرجوع فيه
إعادة التوازن للصناديق الاجتماعية
محمد الطرابلسي: وزير الشؤون الاجتماعية
وفي هذا الصدد، أكّد وزير الشؤون الاجتماعيّة محمد الطرابلسي أن مشروع القانون الذي تمّت المصادقة عليه سيساهم في اعادة التوازن لصناديق الضمان الاجتماعي، خاصّة وأنه قد تمّ الاتّفاق على بنوده بالاشتراك مع الاتحاد العام التونسي للشغل ومنظّمة الأعراف.
وأشار الطرابلسي أنه تمّ من خلال القانون الجديد الاتفاق على الترفيع في سن التقاعد والترفيع في مساهمات المشغّلين والأجراء اضافة الى تنويع مصادر التمويل خاصّة وأن النظام القائم على المساهمات الاجتماعيّة أصبح غير كافٍ لتحمّل الأعباء المتخلّدة في ذمّة الصناديق.
وأضاف الطرابلسي أن هناك مقترحات أخرى ستدخل حيّز التنفيذ اذ سيتمّ العمل على استرجاع الديون المتخلّدة بذمّة المؤسّسات العموميّة لفائدة صندوق التضامن والحيطة الاجتماعيّة مشيرا أنه قد تمّ استرجاع 900 مليون دينار منذ غرّة جانفي 2018 الى غاية شهر فيفري 2019 فيما بقيت 536 مليون دينار أغلبها متخلّدة بذمّة شركات النقل العمومي.
كما أفاد الطرابلسي أنه سيتم توسيع مجال التغطية الاجتماعيّة عبر بعث المجلس الأعلى للحماية الاجتماعيّة.
و تجدر الإشارة هنا الى أن « قانون الترفيع في سنّ التقاعد » ينصهر في إطار إصلاح أنظمة التقاعد ضمن رؤية شاملة لسياسة الحماية الاجتماعية الواردة بالتوصية عدد 202 لسنة 2012 الصادرة عن منظمة العمل الدولية والمتعلقة بإرساء أرضية وطنية للحماية الاجتماعية والتي تم تنزيلها وطنيا كأولوية من أولويات المخطط الخماسي للتنمية -2016 2020 وذلك وفق ما ذكره وزير الشؤون الاجتماعية في لقاء صحفي خصص للحديث عن « قانون الترفيع في سنّ التقاعد ».
وأشار الى أنه تم استكمال كل الدراسات حول الجدوى الفنية والمالية بخصوص تركيزها كما تم الإذن بإعداد مشروع قانون توجيهي حول ضمانات الأرضية الوطنية للحماية الاجتماعية. واعتبر أنّه انطلاقا من الوعي بخطورة أزمة الصناديق الاجتماعية وسعيا إلى بلورة رؤية منسجمة لإصلاح أنظمة التقاعد، وتنزيل الإصلاحات الضرورية لمنظومة التقاعد بحيث تكون واقعية وعادلة ومتوازنة وقابلة للتطبيق وتأخذ بعين الاعتبار الحفاظ على حقوق الأجيال القادمة ومصالحها عقدت اللجنة الفرعية للحماية الاجتماعية المحدثة بمقتضى العقد الاجتماعي والمكلفة بالمراجعة الشاملة لأنظمة الضمان الاجتماعي سلسلة من الاجتماعات المكثفة خلال سنتي 2016 و2017 وخصّصت بالأساس لدراسة الخيارات الممكنة لإصلاح أنظمة التقاعد في القطاعين العمومي والخاص.
تنويع مصادر التمويل
و من المؤكد أن التمديد في سن التقاعد من شأنه أن يمنح الصناديق الاجتماعية جرعة
اكسيجين إضافية وفق المختصين خاصة ان عجزها بلغ 3 آلاف مليار وهو ما يتطلب مجهودا
كبيرا لحلحلة هذه الأزمة خاصة بالنسبة الى الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة
الاجتماعية الذي بلغ عجزه الشهري حدود 100 مليون دينار وفق الإحصائيات الرسمية الامر
الذي جعل الدولة تساهم بصفة استثنائية بقيمة تتراوح بين 80 و100 مليون دينار شهريا
في سداد أجور المتقاعدين لضمان خلاصها في آجالها في السنوات الأخيرة.
ويشار الى أن معدل جرايات المتقاعدين في تونس يناهز شهريا 1200 مليون دينار في حين أن استخلاص مستحقات الصناديق الاجتماعية لدى المؤسسات العمومية في حدود 20 و30 مليون دينار.
ويرى خبراء في الضمان الاجتماعي أن كل متقاعد يستهلك خلال 4 أو5 سنوات جملة ما تم اقتطاعه من مساهمات في الصناديق الاجتماعية طيلة حياته المهنية لكن المؤكد أن التمديد في سن التقاعد لا يكفي لوحده لحل أزمة الصناديق الاجتماعية مما يتطلب حزمة من الإصلاحات العميقة وتنويع مصادر تمويل هذه الصناديق. ويشار الى أنه في إطار تنويع مصادر تمويل أنظمة الضمان الاجتماعي تم الاتفاق صلب اللجنة الفرعية للحماية الاجتماعية على إحداث مساهمة اجتماعية تضامنية بالإضافة إلى ضرورة إسناد الإصلاح المقياسي لأنظمة التقاعد بجملة من الرافعات والإجراءات المصاحبة الأخرى على غرار تطوير حوكمة الصناديق وتحسين الاستخلاص وتوسيع التغطية الاجتماعية.
كمال المدّوري: مدير عام الضمان الاجتماعي
وفي هذا الإطار ذكر كمال المدّوري مدير عام الضمان
الاجتماعي في تصريح إعلامي أن من أسباب الترفيع في سن التقاعد وجود ضغوطات حادة
على مستوى حاجيات الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية من السيولة وتخلفه عن
دفع المستحقات الراجعة الى الصندوق الوطني للتأمين على المرض بعنوان الاشتراكات
وما تبعها من تراكمات تصل إلى 1504 مليون دينار في موفى شهر ديسمبر 2018 وهو ما
دفع الى اتخاذ جملة من الإجراءات لمجابهة احتياجات السيولة المالية للصندوق الوطني
للتقاعد والحيطة الاجتماعية منها تخصيص اعتمادات مالية في حدود 300 مليون دينار
على مستوى قانون المالية التكميلي لسنة 2016 واعتمادات مالية بـ 500 مليون دينار
على مستوى قانون المالية لسنة 2017 لفائدة الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة
الاجتماعية. ويبقى افق ايفاء الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية بتعهداته
تجاه منظوريه محدودا باعتبار أن العجز الذي يعرفه الصندوق يعتبر عجزا هيكليا
بامتياز مرتبطا بالأساس بجملة من الأسباب الموضوعية وهو ما يتطلب إصلاحا مرحليا
يتمثل في المراجعة الشاملة لأنظمة الضمان الاجتماعي بمختلف فروعها على غرار إحداث
مجلس أعلى لتمويل الحماية الاجتماعية.
والى جانب الترفيع في سن التقاعد تمفي إطار تنويع مصادر التمويل إحداث المساهمة الاجتماعية التضامنية لفائدة الصناديق الاجتماعية ضمن
ميزانية 2018 اضافة الى تقديم عدة مقترحات وإجراءات أخرى في هذا الصدد وذلك لدى
مناقشة ميزانية 2019 ومن المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ بداية من سنة 2020 ومن بين
هذه الإصلاحات إقرار حوكمة الصناديق وذلك بهدف إعادة التوازنات الى الضمان الاجتماعي.
وتشير الأرقام الى أنه من جانفي 2018 الى فيفري 2019 تمكن صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية من الحصول على اتفاقيات لاسترجاع مبلغ مالي قدره 900 مليون دينار اضافة الى 536 مليون دينار أخرى تخص شركات النقل العمومي كما تم توسيع مجالات التغطية الاجتماعية في القطاع الخاص اضافة الى إقرار بعث المجلس الأعلى لتمويل الحماية الاجتماعية الذي سيضطلع بمهمة المتابعة الدقيقة والمتواصلة للتوازنات المالية للصناديق الاجتماعية وتقديم اقتراحات عملية لضمان ديمومة هذه المنظومة وتطوير خدماتها.
ضرورة الإحاطة بالمتقاعدين لإدماجهم في المجتمع
شغل الترفيع في سن التقاعد الذي تم إقراره الرأي العام التونسي اذ انقسمت آراء التونسيين بين مؤيد ومعارض لهذا الترفيع فاعتبرت فئة واسعة أن الحلول المعتمدة ارتكزت كما جرت عليه العادة على ارهاق المنخرطين وذلك سواء بالترفيع في سنوات العمل أو في الترفيع في نسبة المساهمات أو العمل على إقرار ضرائب جديدة منها اقتطاع 1 بالمائة من الراتب في شكل ضريبة تضامنية في حين أنه من الأجدى البحث عن مصادر تمويل جديدة لهذه الصناديق التي يتعمق عجزها من سنة الى أخرى.
ومن جهة أخرى يعتبر المؤيدون لهذا التمشي انه حتمي وان الاجراءات المنصوص عليها بالقانون المتعلق بالترفيع في سن التقاعد من شأنها تقليص عجز الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية الى حدود 280 مليون دينار في موفى سنة 2019 والى حدود 60 مليون دينار فقط سنة 2020.
وتجدر الإشارة هنا الى ان عديد الخبراء تساءلوا الى متى يبقى المضمون الاجتماعي يتحمل وحده مسؤولية عجز الصناديق؟. كما تساءلوا أين يتم إنفاق الضريبة التضامنية بـ1بالمائة عن الأجر التي يتم اقتطاعها منذ السنة الماضية في القطاعين الخاص والعام؟ وهل تم تحويلها الى الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية أم تم توجيه جزء منها الى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي باعتبار أن المساهمات المقتطعة تمت من رواتب الموظفين في القطاعين الخاص والعمومي؟ وبالتالي فمن المفروض أن يستفيد منها كلا الصندوقين خاصة أن هناك ضبابية في مسألة سبل إنفاق عائدات هذا الاجراء التي قدّرت بحوالي 300 مليار والتي يفترض أن تضخ لصالح الصندوقين الاجتماعيين للضمان الاجتماعي اللذين يعانيان من عجز مالي لا أن يتم توظيفها لصالح صندوق دون آخر مما يتطلب المزيد من الشفافية في هذا المجال وهو ما جعل اتحاد الشغل واتحاد الأعراف يطالبان بمدهما بتفاصيل حول هذه المسألة.
كريم الغربي: صاحب مؤسسة
وتجدر الإشارة هنا الى ان السيد كريم الغربي صاحب مؤسسة بيّن ان المطالب الأساسية للمتقاعدين تتمثل أولا في صرف الجرايات في اجالها أي يوم 23 من كل شهر إضافة الى صرف زيادات ومخلفات كل المتقاعدين دون جدولة او تقسيط مع ضرورة الغاء الحجز الظرفي 1 بالمائة من الجرايات زيادة على الترفيع في سقف استرجاع المصاريف وكذلك تصفية ملفات تحمل مصاريف عمليات القلب والشرايين والأدوية الخصوصية بالمراكز الجهوية و المحلية بدل المصالح المركزية تفاديا لكل تأخير يمثل خطورة على حياة المريض و أيضا العلاج المجاني لأصحاب الجرايات التي تقل عن ضعف الاجر الأدنى.
صلاح الدين بن فرج : مختص في علم الاجتماع
وفي نفس الإطار، حث المختص في علم الاجتماع صلاح الدين بن فرج على
ضرورة التحول من التقاعد المتأزم إلى التقاعد الاستراتيجي والتأسيس له عبر الإعداد
المسبق لهذه المرحلة من خلال ضبط أهداف ورهانات تتناسب ومؤهلات وإمكانيات المعني
بالأمر، بغاية التصدي لعامل تدمير الذات الشخصية واجتماعيتها، والتأسيس لمعاملات
اجتماعية تكثف من علاقات الفرد وتمنع تهمشيه.
ونبه بن فرج من خطورة التقاعد
المتأزم باعتباره يساهم في تدمير الذات الشخصية واجتماعيتها، وفي تدني الموارد
العقلانية وأنظمتها التعديلية، ويحدث ارتباكا في السلوك بما يزيد في تهمشيه، علاوة
على تعطليه الوظيفة الإدماجية التي يواجهها المتقاعد عادة إما بكبت المشاعر
والتجنب وتجاهل وجود المشكلة، أو بالسخرية والتهكم منها.
وأبرز في هذا السياق أهمية
الانتماء إلى مجموعات جديدة سواء كانت ثقافية أو سياسية أو رياضية لها ضوابطها
(دورية اجتماعاتها ونظام حضور)، بما يحقق اندماج الفرد وانخراطه في أنساق انتماء
جديدة، فضلا عن مراجعة التنظيم والبرمجة للأنشطة اليومية بما يتناسب وقدرات الفرد
بشكل يمكن من ضبط إيقاع جديد للنسق اليومي.
كما شدد بن فرج على أهمية
الإعداد لمناخات سياسية عامة مشجعة لتحقيق الاندماج الناجع لكبار السن عبر
الالتزام والاسترشاد بالخطط والسياسات الأممية الداعمة لكبار السن وحقوقهم في
المشاركة والمواطنة الكاملة على غرار توصيات خطة فيينا الدولية للشيخوخة لسنة
1982، ومبادئ الامم المتحدة المتعلقة بكبار السن لسنة 1991 والمتعلقة بالاستقلالية
والحق في المشاركة والرعاية وتحقيق الذات والكرامة، وخطة عمل مدريد الخاصة بكبار
السن لسنة 2002 والمرفقة بإعلان مدريد الهادف إلى وضع سياسات دولية ملائمة للقرن
21.
ودعا في هذا السياق، إلى
الالتزام بتوصيات الاستراتيجية العربية لكبار السن، ووضع استراتيجية إعلامية
وتثقيفية مناسبة لإعداد رأي عام ايجابي تجاه حقوق كبار السن في المشاركة الكاملة،
ينتج عنها تغيير النظرة التمييزية تجاههم نحو اعتبارهم مخزن طاقة هامة في المجتمع
يجب الاستفادة من خبرتهم وكفاءتهم، علاوة على وضع خطة عمل صحية تأخذ بعين الاعتبار
احتياجاتهم وفق مقاربة النوع الاجتماعي، بما يوفر خدمات الرعاية الصحية الميسورة
والجدية من أدوية ولقاحات..
وأوصى الخبير الاجتماعي بوضع
خطة عمل اجتماعية شاملة تؤمن تأطير عملية التقاعد الناجح عبر تفعيل دور
الأخصائيين، وضمان الحماية من المخاطر المالية، وتكافؤ فرص الجميع في التعليم بكل
مستوياته تفاديا لعدم الارتداد إلى الأمية، والتخطيط لمدن امنة ومستدامة توفر نظم
نقل آمنة ومساحات خضراء مجهزة وفق احتياجات كبار السن، إضافة إلى ضبط سياسات تشغيل
عادلة تضمن تكافؤ الأجر لقاء العمل المتكافئ، وسياسة استثمارية ناجحة ترمي إلى
الاستفادة من خبرات وكفاءات كبار السن وتثمينها عبر التوظيف الناجع والعادل.
الاستفادة من خبرات المتقاعدين
و حرصا على الاستفادة من خبرات المتقاعدين، شرعت الحكومة التونسية في مناقشة مستقبل المتقاعدين الذين سيتجاوز عددهم مليونا و200 ألف في غضون الأعوام الخمسة القادمة، وفتحت السلطات أبواب التفكير في الاستفادة من خبراتهم من خلال مواصلة نشاطهم في تأطير الشباب وخدمة الدولة.
وأكد رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، خلال مداخلته في ندوة وطنية حول المتقاعدين تحت عنوان « كبار السن و المتقاعدون ..كفاءات وخبرات في خدمة الوطن » على ضرورة التفكير في حياة نشيطة بعد التقاعد والعمل على وضع كفاءات المتقاعدين على ذمة الدولة في تأطير الشباب على سبيل المثال.
وأشار الشاهد إلى ضرورة التفكير في إحداث مجلس للحكماء يجمع كل المتقاعدين كخطوة للاستفادة من خبرتهم في حياتهم العملية، مشددا على ضرورة العمل على إدماج المتقاعدين أكثر في الحياة الاقتصادية بعد بلوغهم سن التقاعد بما يضمن لهم ظروف عيش ملائمة.
ونفى أي نية للحكومة في الترفيع مجددا في سن التقاعد أو في تعديل قانون التقاعد، مشددا على ضرورة الاهتمام بقضايا المتقاعدين في ظل تزايد أعدادهم وتغير ملامح الهرم السكاني للبلاد، ما يتطلب استعدادات استباقية واستشرافية جدية لاتخاذ الحلول المناسبة للاستثمار في هذه الشريحة لما تستبطنه من خبرات وتجارب ومهارات مهنية وحياتية واسعة.
وأضاف الشاهد أنه في إطار التزام الصناديق الاجتماعية بتعهداتها إزاء منظوريها وخاصة المتقاعدين وذوي الحق من أرامل وأيتام وجب العمل على تحريرها من الضغوطات المالية، التي تواجهها وذلك بالتشاور مع الأطراف الاجتماعية وبلورة تصور إصلاحي متكامل يهدف إلى المحافظة على ديمومة توازنات صناديق الضمان الاجتماعي وحمايتها من خطر الإفلاس المحدق بها.
وتتمثل مكونات هذا الإصلاح وفق الشاهد في إرساء مساهمة اجتماعية تضامنية على المداخيل لتنويع مصادر تمويل الضمان الاجتماعي بإنفاذ مبدأ التضامن الوطني ووضع خطة وطنية لمقاومة التهرب الاجتماعي وتكثيف الجهود لاستخلاص ديون الصناديق الاجتماعية وتوسيع نطاق التغطية الاجتماعية لتشمل الفئات المهنية الضعيفة علاوة على التمديد في سن التقاعد في القطاعين العام والخاص والترفيع في المنحة الشهرية المسندة للعائلات المعوزة بعشرين في المائة مع استيعاب قائمات الانتظار وتمكينها من بطاقات علاج مجاني وذلك في إطار تكريس جهود الدولة للحد من الفقر خاصة لدى فئة كبار السن الذين يمثلون حوالي 60 في المائة من مجموع الأسر المنتفعة بهذا البرنامج.
وفي الاطار نفسه، أكد رئيس لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية بمجلس نواب الشعب، سهيل العلويني أن الحكومة لم تقترح على البرلمان أي تعديل على الترفيع في سن التقاعد من جديد مشيرا إلى أن التفكير جماعي في سبل الاستفادة من تجارب وخبرات المتقاعدين في تونس الذين يمثلون ثروة خصوصا ممن لهم استعداد لمواصلة تقديم الإضافة وخدمة المجتمع.
وبيّن العلويني أهمية النهوض بواقع المتقاعدين من خلال تنشيط حياتهم بعد انتهاء مسارهم المهني وتوظيف خبراتهم في العمل الجمعياتي والثقافي والاقتصادي والاستفادة من تجربتهم وتشريكهم في الاستشارات والورشات الوطنية لصنع القرار عند إعداد مشاريع القوانين في كل المجالات، بالإضافة إلى تطوير خدمات الرعاية الصحية والاجتماعية لفائدتهم.
ووعد الشاهد خلال الندوة بتخصيص مجلس وزاري في القريب العاجل وسيتم خلاله اتخاذ جملة من القرارات لفائدة المتقاعدين كما سيتم تنظيم سلسلة من الندوات الجهوية لفتح دائرة الحوار المجتمعي لصالح هذه الفئة.
ولفت إلى أنه سيتم تبني
المقترحات التي ستتمخض عن الندوة الوطنية
من أجل تحسين ظروف عيش المتقاعدين وتحويلها إلى حياة نشيطة تمكنهم من مرحلة جديدة
من النشاط والعطاء وإعادة إدماجهم من جديد في صلب المجتمع والاستفادة من خبراتهم
وكفاءاتهم لتأطير الأجيال المتعاقبة في الإدارة والقطاع الخاص.
وأكد يوسف الشاهد حرص الدولة منذ سنة 2016 على اتخاذ جملة من الإصلاحات الكبرى الخاصة في المجال الاجتماعي وذلك في إطار رؤية استراتيجية شاملة للدولة تهدف إلى إرساء أرضية وطنية للحماية الاجتماعية تكفل جملة من الضمانات لجميع شرائح المجتمع، بما في ذلك شريحة كبار السن والمتقاعدين، كالحق في التغطية الصحية الأساسية للجميع، إذ قدر عدد أصحاب الجرايات (رواتب المتقاعدين) من القطاعين العام والخاص بمليون و127 ألفا و989 منتفعا خلال السنة نفسها.
ولفت رئيس الحكومة الانتباه إلى أنّ مسألة حماية المقدرة الشرائية لهؤلاء المتقاعدين تمثل إحدى أولويات الحكومة ليتم الترفيع في هذه الجرايات بصفة منتظمة خلال السنوات الثلاثة الأخيرة في القطاعين العام والخاص بصورة غير مسبوقة لتتطور الجرايات في القطاع الخاص بـ18.5 في المائة بمعدل 6 في المائة سنويا وتقريبا نفس النسبة في القطاع العام مشيرا إلى أن نفقات التقاعد في القطاع العام قد ارتفعت إلى 3655 مليون دينار سنة 2019.
نجوى السايح