تونس بالدرجة الأولى بلد فلاحي يعيش على كرم السماء و تهاطل الأمطار و تبقى محاولات إدخال الصناعة في درجة تالية…و هذا يعني أن المنتجات الفلاحية متوفرة بأسعار معقولة خاصة في فصل الصيف حين تجود الأرض و الأشجار بخيراتها .
و مع ذلك فمنذ سنتين أخذت أسعار المواد الفلاحية في العدو بشكل مخيف و تنوعت التبريرات الرسمية و المواطن لا يصدق ما يراه و لكنها الحقيقة الدامغة .
و بدأ الموسم بالبرتقال و كانت سلة العصير بأربعة كيلوغرام بدينار واحد سنة 2011 ليقفز هذه السنة كيلو العصير الواحد إلى نحو دينار و توالى موسم المشمش و البوصاع و الفراولة و أسعارها من نار و كأننا نستوردها من الصين و من اليابان و حرمنا من أنواع البرتقال و هذا صنف من الغلال الشعبية و كذلك المدلينة بأنواعها سواء الشنوا أو العربي .
و جاء الصيف و اشتدت معه نار الأسعار الغلال إلى درجة خيالية لا أذكر سعر أنواع الأجاص و الخوخ فهي مبالغ فيها لتنضم إليها طغيان أسعار التفاح و العنب و البطيخ و تخلف عن موسم الغلاء الفاحش الدلاع بسبب خوف الناس من استهلاكه إثر تحضير رسمي من وجود كمية خطيرة و ملوثة و ظهر البيع بالقطع حتى في الأسواق الشعبية للتأكد من سلامة الثمرة .
و لكن ما قولكم في » الهندي » هل ارتفع سعر » بذوره » المستوردة من عالم خيالي … هناك تبريرات لا يقبلها حتى العقل العليل و أصبح الإنسان يشعر بالخجل عندما يشاهد شعار الغلال » لا حياء بعد اليوم » و بالفعل كل أصناف الغلال تبنت هذا الشعار و انطلقت في التنفيذ و بإصرار و كأننا في الأدغال بلا قوانين و حوت يأكل حوت .
منذ مدّة طويلة تعودنا على التلذذ بصور السمك و رغم سواحلنا الطويلة جدا فإن السمك تمرد بشكل خرافي و هذه الغلال يلتحق بالسمك و حتى التين الشوكي أي « الهندي » سلطان الغلة انضمّ إلى شعار » لا حياء بعد اليوم » .
محمد الكامل