شهد القطاع السياحي في تونس في الآونة الأخيرة أزمة منقطعة النظير خاصة بعد جملة العمليات الإرهابية التي ضربت البلاد و لا شك أن هذا القطاع الحساس له ارتباط وثيق بعديد المجالات الأخرى على سبيل المثال « النزل و المطاعم و المهرجانات الصيفية و كذلك شركات الطيران و البواخر و ما إلى غير ذلك من وسائل النقل السياحية نظرا لتراجع عدد الزوار القادمين إلى تونس . هذه الأزمة انعكست بشكل مباشر على شركة الطيران التونسية الخاصة « سيفاكس ايرلاينز « التي أوقفت مؤخرا نشاطها و ألغت كل رحلاتها من تونس و إليها هذه الشركة التابعة للسيد محمد فريخة رجل الأعمال التونسي أصيل مدينة صفاقس و النائب بمجلس الشعب الذي كان صرح في مناسبات عديدة أن « سيفاكس « تعاني من أزمة مادية و قد تتسبب في إعلان إفلاسها في وقت قريب
شركة الطيران « سيفاكس »
هي شركة طيران خاصة تونسية مقرها في مطار صفاقس الدولي تأسست بعد الثورة مباشرة من قبل رجل الأعمال محمد فريخة و استلم الإدارة محمد غلالة منذ نوفمبر 2014 حيث أعلن محمد فريخة عن تأسيس « سيفاكس « في سنة 2011 و في سنة 2012 اشترى طائرتين نوع A 320 مجهزة بدرجات مختلفة و بسعة قدرها 150 مسافرا لكل طائرة و قد تم تسمية الطائرتين الأولى باسم الحرية و الأخرى باسم الكرامة في إشارة إلى الثورة التونسية و حسب محمد فريخة فإن مشروعه يأتي في إطار تحسين البنية التحتية لمدينة صفاقس و المنطقة ككل و أيضا في إطار المساهمة في النهوض بالبلاد و في زيادة الإنتاج المحلي أما الطائرة الثالثة في أسطول « سيفاكس « و المسماة « القدس « تعتبر الطائرة الأولى من نوعها في تونس في ذاك الحجم و هي الأكبر في تاريخها و قد قررت الشركة أن تقوم هذه الطائرة بالرحلات بعيدة المدى إلى القارتين الأمركية و الآسوية و هي التجربة الأولى من نوعها في تونس .
فشل الموسم السياحي و انعكاساته على شركات الطيران
لم تقتصر انعكاسات الهجمات الإرهابية الأخيرة التي تمت في بلادنا على السياحة البحرية فقط بعد إعلان مجموعة « كوستا كروازيير « عن إلغاء توقفها بالموانئ التونسية إلى نهاية السنة الحالية و إنما تجاوزت ذلك لتلقي بظلالها على شركات الطيران بعد إعلان وزارة السياحة عن إلغاء ثلاث آلاف حجز للموسم السياحي الحالي لتعمق بذلك أزمة قطاع النقل الجوي بجميع مطاراته . من جهة أخرى لا شك أن قرار وزارة النقل وقف الرحلات الجوية بين مطار صفاقس و المطارات الليبية نظرا للأوضاع الأمنية المتردية في الأراضي الليبية له عواقب وخيمة على الخطوط الجوية و المطارات التونسية التي تعاني من صعوبات كبيرة . كما أن هاته الأزمة كان لها تأثير مباشر على شركات الطيران في البورصة ذلك أن عدم استقرار الأوضاع الأمنية في تونس تزيد من تعمق أزمة شركات الطيران و التي تعاني منذ الثورة من مشاكل بسبب المصاريف الهيكلية الباهضة و خاصة منها « سيفاكس «
بداية الأزمة
بعد انطلاق نشاطها فعليا كان من المتوقع أن تشهد شركة طيران « سيفاكس « نجاحا منقطع النظير خاصة مع كل الإمكانات التي خصصها لها السيد محمد فريخة و لكن منذ بداية سنة 2013 واجهت الشركة عديد العراقيل التي حالت دون نجاحها و التي تسببت لها في خسائر مادية ضخمة من ذلك ما صرح به مدير الشركة حسب موقع « Tunisien. tn« و هو أن شركة سيفاكس ارلاينز تخسر يوميا 50 ألف دينار و ذلك لمكوث الطائرة الجديدة التي اقتناها بمطار تونس قرطاج و هي الطائرة « ايرباص أ320 المخصصة للرحلات الطويلة و كانت هذه الخسائر حسب محمد فريخة بسبب تعطيلات إدارية من قبل ديوان الطيران المدني و المطارات.
محمد فريخة و دخول عالم السياسة
لا شك أن المطمح الأساسي في دخول رجال الأعمال عالم السياسة هو التحصن وراء ما يسمى بالحصانة السياسية إذ أن السياسة اعتبرت كدرع واق لكل الأخطاء و التجاوزات من هذا الباب اختار محمد فريخة دخول عالم السياسة بترشحه للانتخابات التشريعية و تمكنه من الفوز بمقعد بمجلس نواب الشعب عن حركة النهضة ما جعله يقدم على الاستقالة من مجلس إدارة شركة « سيفاكس « و تعويضه بالفرنسي « كريستيان بلان « و ليتم التراجع مؤخرا عن هذا التعيين و يتم تكليف المدير التجاري للشركة السيد حمادي غلالة بالمهمة المستحيلة و هي إنقاذ الشركة من الإفلاس و لكن دون جدوى . بعد نجاحه في الانتخابات عن حركة النهضة و مع تزايد الديون في ذمته لأكثر من جهة و مع إمكانية إعلان أفلاس « سيفاكس « أكد محمد فريخة أن ما تمر به الشركة من صعوبات ما هو إلا ثمن باهظ يدفعه ضريبة لانضمامه لحركة النهضة و الترشح على قائمتها بدائرة صفاقس .
الإفلاس
أعلنت المنظمة الدولية للطيران المدني يوم الأربعاء 29 جويلية 2015 عن تعليقها للترخيص الدولي لشركة الطيران التونسية « سيفاكس ايرلاينز « نظرا لعدم إيفائها بتعهداتها المالية تجاه عدة جهات و ذلك عبر مراسلة عاجلة وجهتها لكل شركات الطيران الجوي و المطارات و وكالات الأسفار و هو ما سعني عمليا تعليق نشاط الشركة التي تشكو عجزا ماليا متراكما .
من يدفع الثمن ؟
بعد إعلان شركة « سيفاكس « عن تعليق رحلاتها و إعلان إفلاسها لم يتمكن عدد من التونسيين و يقارب 7000 تونسي من العودة إلى أرض الوطن حيث تفاجئوا بهذا القرار الذي لم يتم على إثره اتخاذ حلول و تدابير ملائمة لفائدة التونسيين الذين سافروا على متن هذه الناقلة و هو ما تسبب في تعطيلهم و عدم تمكنهم من العودة و بالتالي ككل مرة من يدمع الثمن ؟ بطبيعة الحال المواطن التونسي الذي كما يقال « يمشي في الساقين « لذلك و بغض النظر فيما إن كان ذلك لمساعدة شركة « سيفاكس « لتجاوز أزمتها أو غير ذلك وجب التدخل العاجل من قبل الحكومة و وزارة النقل لإنقاذ التونسيين العالقين في الخارج بسبب إفلاس « سيفاكس .
«أين الحكومة ؟
أكد وزير النقل السيد محمود بن رمضان حسب ما جاء في « الصباح نيوز « أن شركة الخطوط التونسية هي من أحسن الشركات العربية و لكنها تعاني من صعوبات مرتبطة أساسا بتراجع السياحة في تونس منذ الثورة نظرا لعدم استقرار الوضع السياسي و الأمني في البلاد كما أكد أن شركة «سيفاكس « تواجه عديد الصعوبات خاصة منها المالية . كما أكد أيضا على وجود مشروع إعادة هيكلة شركة الخطوط التونسية ستنطلق الوزارة في دراسته خلال الأيام القليلة القادمة أما في خصوص الاجراءات العاجلة التي اتخذتها الحكومة لانقاذ القطاع فقد عملت الحكومة حسب بن رمضان على إعادة فتح باب الرحلات إلى ليبيا و التي تمثل من 24 ألى 25 بالمائة من معاملات الشركة و ذلك بعد أن تتأكد تونس بأنه تم تطبيق التوصيات التي تقدم بها فريق تقني تونسي إلى المطارات الليبية لتأمين سلامة المسافرين . كما أنه سيتم الترفيع في عدد الرحلات نحو الجزائر و كما ستعمل الحكومة على إعادة تشكيل بناء العلاقات الديبلوماسية من خلال التوجه إلى السوق الإفريقية الواعدة ما من شأنه بناء علاقات متينة سيكون لشركة الخطوط التونسية دور هام في تعزيزها .
مجلس وزاري و بعد ؟
أقدمت الحكومة يوم الاثنين 09 أوت 2015 على عقد مجلس وزاري للنظر في وضعية « سيفاكس « حسنا مجلس وزاري و ماذا بعد ذلك خاصة بعد أن رفض وزير النقل أن تقوم الخطوط التونسية بنقل المسافرين العالقين في الخارج و اكتفى المجلس الوزاري بأن استحث شركة « سيفاكس « للإيفاء بتعهداتها إزاء 5324 مسافرا معظمهم مرتبط بالتزامات شغلية بعد انتهاء إجازتهم و بقو عالقين في عدد من المطارات و في ما يتعلق بالوضع الاجتماعي للشركة فقد أوصى المجلس الوزاري بإحالة الملف على مكتب إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات بوزارة الصناعة كي تنظر في أزمة الشركة وفق ما تنص عليه القوانين الجاري بها العمل . و في الأخير يبقى مستقبل شركة الطيران التونسية الخالصة «سيفاكس» رهين بعض القرارات السياسية إن صح التعبير .
حنان العبيدي