بعد الزيادة الأخيرة في سعر الحليب ب100 مليم، يبدو أن أسعار الخضر هي الأخرى تتزاحم دون أن تتراحم، لترتفع ارتفاعا مُشِطّا قبل حلول الشهر الكريم الذي ينتظره الجميع.
و لعل أشد ما يلفت النظر في الأسواق التونسية على تنوعها، هو الإرتفاع الغريب الذي شهدته مادة الفلفل، و التي يتراوح سعر الكيلوغرام الواحد منها بين 4500 و 5000 مليما! و هو ما جعل منظمة الدفاع عن المستهلك تدعو إلى ضرورة مقاطعة هذه المادة، نظرا لما تقدر عليه سياسة المقاطعة من قدرة على تخفيف و تخفيض الأسعار، و ذلك خوفا و رُهابا من التجار خشية فساد سلعهم قبل التخلص منها بيعا.
أما عن بقية المواد و خاصة منها الخضر فستكون محل مراقبة و متابعة، و هذا حسب ما صرح به السيد « سليم سعد الله » رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك. و من جهته أكد رئيس الحكومة السيد « هشام المشيشي » بأنه سيتم توفير كل المواد التي يحتاجها المستهلك التونسي، دون وجود أدنى نقص.
وزارة الفلاحة بدورها سبق و أكدت بأن كل المواد الإستهلاكية ستكون متوفرة…
و من توصيات منظمة الدفاع عن المستهلك أن يحافظ التونسي على النسق المعتاد في اقتناء المواد الغذائية دون لهفة و خوف من فقدانها، ذلك أن هذه اللهفة دائما ما تكون محل استغلال خبيث من قبل التجار الذين يجدون في مثل هذا الإقبال الواسع الفرصة السانحة لرفع الأسعار.
هذا و يطمئن المسؤولون بأن المحلات الغذائية، سواء التي تبيع الخضر أو اللحوم أو غيرها… ستكون مفتوحة للعموم في شهر رمضان، لذلك ليس هناك أي داع للهفة و الركض وراء تخزين المواد! و عليه فمن المستحسن الحفاظ على النسق الإستهلاكي العادي، خاصة و أن إصرار البعض على الشراء بكثرة، سيحرم الفئات الأخرى من اقتناء حاجياتهم اليومية، و هذا التصرف يضر كثيرا الطبقات الهشة و المتواضعة الغير قادرة على اقتناء ما تحتاجه من مواد قصد التخزين على المدى الطويل، و بالتالي تتسبب هذه اللهفة في نفاد السلع، من ما يحرم محدودي الدخل من إيجاد ما يبحثون عنه من مواد غذائية و غيرها… و هو ما يؤدي أيضا إلى استغلال مثل هذه الظروف للترفيع في الأسعار.
هذا و سيتم الحرص على توزيع المواد اللازمة على نقاط بيع من المنتج إلى المستهلك، و ذلك حتى لا يكون المواطن عرضة للإستغلال من قبل المضاربين و المحتكرين..
و عن الزيت النباتي المفقود أو النادر في الفترة الأخيرة، فإنه سيتم تأمينه بوفرة بحلول شهر رمضان الكريم، و ذلك من خلال التعاون بين منظمة الدفاع عن المستهلك و وزارة التجارة.
تبدو كل هذه التحضيرات واعدة و مهمة، و تصب جميعها في مصلحة المواطن بما هو مستهلك.. و لكن كل هذه الوعود المُنَمّقَة لا تزال مجرد كلمات تسبح في الفضاء. ثم إلى أي مدى يمكن أن نُعَوّلَ على سياسة المقاطعة قصد التخفيض في أسعار السلع! ألا تقدر الحكومة و وزارة التجارة رفقة منظمة الدفاع عن المستهلك إيجاد حل أكثر نجاعة من المقاطعة من أجل جعل الأسعار في متناول الجميع؟؟ خاصة و أن هذه الفترة التي يحل فيها شهر رمضان ضيفا كريما علينا طالما كانت بمثابة الفرصة الذهبية التي يقتنصها التجار و المحتكرون و المضاربون للترفيع في الأسعار، نظرا لاطمئنانهم بأن التونسي لن يتراجع عن اقتناء ما يحتاجه و ما لا يحتاجه فقط لإرضاء شهواته.
بلال بوعلي