بقلم المفكر : الدكتور خير الدين بالقروي
كان في تقديري حين استدعاني عمدة مدينة مونبليي بفرنسا لإلقاء محاضرة أن أتكلم في الشأن التونسي العام و لكن الظروف التي مرّ بها الوطن حين تعرض إلي غزوة وحشية من طرف عصابة إرهابية سوداوية الفكر و المنهج و الهدف. قررت ان أتكلم عن الإرهاب نشأة و تأسيسا و قيادة و هدفا و غاية.
النشأة :
لا احد يستطيع أن يؤرخ بدقة لنشأة الإرهاب و لا احد يستطيع أن يحدد موقع النشأة و ظروفها لان الإرهاب لا يعدو أن يكون وحشية كامنة في بعض النفوس المريضة تنهض في كل حين و كل مكان و هي ظاهرة تلازمت مع الإنسان منذ بداية خلقه.
التعريف :
كما أن لا احد يستطيع أن يؤرخ للإرهاب و لا احد يستطيع أن يعرفه بدقة لاختلاف النظرة و المصلحة و الغاية و الهدف لدي الجميع سواء كانت دولة أو تنظيما أو فردا. و الذي ينظر له البعض كإرهابي مجرم يرفضه و يقاتله يتبناه الأخر و يدعمه و بهذا غاب التعريف الحقيقي للإرهاب فضلا علي تفريخه و تكاثره و انتشاره.
الصنيعة :
الإرهاب صنيعة مختلطة غربية – صهيونية – شرقية عقائدية تلتف حول هؤلاء الافعي الكبرى ( الماسونية ) الصهيونية فتخطط للجميع و تقود الجميع في اتجاه مجنون لهدف شيطاني غريب الملامح و هي تحمل أفكار جهنمية لإسقاط الأمم و خاصة امة الإسلام التي تعتبره العدو الأول و الحاجز الوحيد بينها و بين تحقيق أهدافها و لهذا ركزت علي تصنيع الإرهاب من أبنائه و رمي الآمة الإسلامية بطائفة منها تحت اسم الجهاد و تصحيح العقيدة بعد أن هيمنت علي عقولهم و نفوسهم و طوعتهم إلي خدمتها و تنفيذ مشاريعها و بذلك تحقق مقولتها الشهيرة ليضرب كل الإسلام كل الإسلام و ليقتل الجميع الجميع.
توالد الأسلوب الإرهابي :
إن الملاحظ الدقيق سيكتشف بسهولة أن الدواعش يستعملون بكل دقة و بكل التفاصيل أسلوب عصابات الهاغانا – اراغون – شتارن و هي عصابات صهيونية انشات لترويع و إبادة الفلسطينيين و إخراج البقية من أراضيها و إفراغها نهائيا و هي لا تختلف عن الدواعش في شئ و أنا علي يقين أنهم لو التقوا في زمن واحد علي ارض واحدة لتعاونوا علي إبادة أهلنا في فلسطين هذا بدعوة إجلاءهم عن الأرض و الأخر بدافع الردة و الخروج عن الإسلام و لهذا نتأكد أن الإرهاب بكل تصنيفاته علي مدي تاريخه الحديث لم ينهض لتصحيح عقيدة و لا لتوحيد امة و لا لمحاربة الطغاة و الجبابرة بل لا يعدو أن تكون عصابات مجرمة مجنونة فاقدة الوعي تساق للذعر و التقتيل خدمة لساداتهم المتخفيين في عواصم الغرب و الذين يخططون لبناء الهيكل المزعوم الذي تتبني نبوءته الماسونية الصهيونية العالمية و تنفيذا لأوامر الشركات الكبرى المتحكمة في ناصية العالم كله و كذلك خدمة لمراكز القوي…
الإرهاب في تونس :
نحاول الآن أن نتحدث قليلا عن الإرهاب في تونس و سبب تلك الهجمة الوحشية التي قام بها الإرهاب الأسود علي تراب الوطن و الذي ارتطم بصخرة شعبية و عسكرية و أمنية و تلقي صفعة تعد بداية العد العكسي لانهياره العام و اعني بذلك تلك الضربة القاسمة التي تلقاها في ذلك الفجر الغاضب « فجر الحسوم « و إن كانت تونس لم تنتهي من الإرهاب نهائيا فقد قصمت ظهره و هذا لا يلهينا عن أسباب هجومه علي تونس و سنعدد بعض الأسباب لذلك :
– ثمة شيء أكيد يثبت أن بعض القوي الخارجية التي يخيفها نجاح الثورة التونسية و تحسسها طريق الديمقراطية و تأسيسها لدولة مدنية اجتماعية تعتمد علي قوة شعبها المتفوق علميا و حضاريا .
هذه القوي يخيفها النجاح التونسي أوعزت لهذه العصابات الإرهابية بالتوجه إلي تونس لتدمير هذه التجربة حتي لا يستأنس بها بقية الشعوب العربية و يتخذونها أنموذجا للتحرك و الثورة .
– إن تونس بثورتها و تأسيس جمهوريتها الثانية ذهبت بكل قوة إلي بناء دولة مدنية علمانية تعتمد أساسا علي الإنسان بقوته العلمية و الثقافية و الفنية و هذا تعتبره بعض القوي الخارجية و الداخلية خروجا عن الدين ومروقا واضحا عن العقيدة و لهذا لا بد من الوقوف ضده و محاربته.
– إن العصابات الإرهابية قد بلغها أن مخابئ الأسلحة ببن قردان قد أصبحت شبه معلومة للقوي الأمنية التونسية فأسرعت بالهجوم علّها تنقذ ذلك السلاح.
– إن تونس تتوسط دولتين عربيتين إحداهما احدي اغني الدول الإفريقية و الثانية دولة قوية تتطاول علي الغرب و تقف في وجهه و هي تحمل بذور الفتنة في أحشائها و السيطرة علي تونس يشتت أفكار الجزائر و يضعف جهودها في البناء من جهة و من جهة أخري سيؤخر استقرار ليبيا و تنغمس في الفوضى فيستغل الغرب ذلك و يتدخل تحت مظلة الإنسانية و الحرية .
يتبع من محاضرة الدكتور المفكر خير الدين بالقروي يوم 19 مارس بفرنسا.