• 25 avril 2025

اليسار التونسي : التناقض بين الشعارات و الممارسة

 Tunisian revolution

أثبتت الأيام صحة ما قال المفكر الماركسي  » سلامة كيلة  » بأن اليسار الذي حاول أن ينهض من سرير الموت كرر السياسات ذاتها التي أوصلته إلى القبر و ضل يفكر بالطريقة ذاتها التي أماتتها .

إذ لم يدخر اليسار التونسي جهدا في أن يكرس الاعتقاد السائد لدى عامة الناس في أنه ليس سوى نخبة تمارس عملا نضاليا دون قدرة على تنزيل برامجها للشارع و إيصالها للمواطن البسيط ، تأكد هذا في موقفه من الصراع الدائر بين الحكومة و أطباء الاختصاص ، هذا الصراع الذي يقف فيه الأطباء موقف الند للند مع الحكومة بقوة حجتهم في أن شهادة الاختصاص هي استحقاق علمي لا يشترط فيه إلا الكفاءة  إضافة لسوابقهم في خدمة الوطن التي أثبتوها ماضي و حاضر و كفاءتهم المشهود بها عالميا زد عليها نبل مهنتهم و أخلاقهم المستمدة من مثل عليا متأصلة و متجذرة فيهم مما جعلهم نخبتنا المميزة التي لا يشكك في وطنيتها أحد .

غير أن اليسار الذي أدمن الاحتجاج و الرفض لمجرد الرفض و أدمن التشكيك في الضمائر دون تقديم حلول بديلة فشل مرة أخرى في أن يقترب من الشعب و أن يتحول إلى قوة فعلية ذات توجه اجتماعي تكرس العدالة و المساواة، إذ أن غياب موقف واضح لليسار في هذا الصراع و عدم وقوفه إلى جانب الطرف الضعيف في القضية و هو أبناء الأٍرياف المهمشين  سببه أن النهضة هي من تبنت هذا المشروع و هي المبادرة بطرحه ، و هذا سبب كافي ليكون مرفوضا تماما بحجة أنه مشروع يصادر حرية الطبيب و من واجبهم الدفاع عن الحريات ، ناسين أو متناسين أن العدل و الانتصار للضعيف لا يقل قيمة عن الدفاع عن الحرية ، ناسين أو متناسين أن الطبيب يكلف المجموعة الوطنية أموالا طائلة فلماذا يستثنى من خدماته أبناء الريف  » التاعبين أصل  » مادامت الدولة لا تستثنيهم من الجباية .

إن تميز اليسار التونسي بهاته الطبيعة الاحتجاجية و هذا التعنت الغريب و التبني المتواصل لنظرية المؤامرة و التشكيك في النوايا و البحث عن  » العلّة و بنت العلّة و الطبيب باش مات  » و وصف كل مقترح موجه للفئات المهمشة بأنه شعبوي و له غايات انتخابية أمر مثير للريبة يظهر بوضوح حالة  » البارانويا  » التي صار يعيش فيها اليسار بكل أطيافه و توجهاته السياسية مما استوجب عرضه على طبيب مختص مرّ بكل المستشفيات الجهوية قبل حصوله على شهادة الاختصاص عسى أن يأتي على يديه الفرج و الشفاء .

الشاذلي الهمّامي

Read Previous

« والمرء ليس بصادق في قوله حتى يؤيده بفعاله »

Read Next

زغوان : المرأة العاملة بين التهميش و الهرسلة و رؤية المجتمع

Leave a Reply

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

Most Popular

A la une!